الثلاثاء، 28 يونيو 2011

بيروقراطية الإدارة في ظل جزائر العزة والكرامة

  ... بحث في فائدة وثيقة "أنت جزائري" (شهادة الجنسية)

بقلم/ صالح محمد (*)  http://www.djelfa.info/ar/enquete/1547.html
يتيه المواطن الجزائري في مشاغل الحياة وأعبائها ويجد نفسه يراوحه مكانه في كثير من الأشياء في هذا البلد خاصة ما تعلق بها باستخراج الوثائق الإدارية والتي أضحت هاجسا مرعبا بالنسبة لأغلب الجزائريين لعدة عوامل وتراكمات مختلفة في ظل البيروقراطية وانتشار الفساد والرشوة والمحسوبية وغيرها كثير  ولغياب الكفاءة وتغييبها وتكريس الرداءة في التسيير، إلى إنعدام الإرادة الحقيقية  في تخطي الوضع القائم على الرغم من المحاولات المحتشمة تارة والمتسرعة تارة أخرى في غياب استرتيجية واضحة المعالم والهدف حتى خيل للجميع أن القائمين على التسيير في هذا المجال لا يتقدمون بفكرة إلا من باب سد الفراغ أو من الباب التجربة فقط ، لنجد أنفسنا بعد مرور وقت من الزمن نتراجع إلى الوراء وكأن العصور القديمة تحكمنا – بدائية شبه مطلقة في تسيير أغلب إداراتنا - مع كثرة "الحزم الوثائقية المطلوبة في تكوين أي ملف"، في ظل شعار "تقريب الإدارة من  المواطن" ولعله بمكان أن نأخذ ما حدث في إعادة الهيكلة في منظومة تسير "بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر" كعينة لهذا الواقع المتردي والتخبط الذي وصل إليه من يشرفون على "تنظيمنا وتطوير إدارتنا" من إجبارية المستخرج الخاص من عقد الميلاد رقم 12- خ (شهادة الميلاد الأصلية الخاصة S12 ) وكذا شهادة الجنسية وشهادة العمل أو شهادة مدرسية مع استحداث الاستمارة الخاصة بذلك والمتكونة من 6 صفحات كاملة  ثم التراجع عن إلزامية الشهادة الخاصةS12   والعمل بشهادة الميلاد الأصلية العادية فقط ثم العودة مرة أخرى والتراجع عن إلزامية شهادة العمل والشهادة المدرسية والتخفيف من عدد صفحات الاستمارة الخاصة إلى صفحتين فقط في تخبط واضح من المعنيين بالأمر في هذا الشأن وكأن الشعب الجزائري برمته  لعبة بين أيديهم يحركونه كيفما شاءوا ، مادام أنه أرضية خصبة لحقل تجاربهم "المقززة" .
ولم يكتف القائمون على ذلك بل طال القص والتعديل كذلك وثيقة إثبات - أنت جزائري فعلا -؟ "شهادة الجنسية" حيث توصل "الفكر العبقري" لدى "ثلة" وزارة الداخلية من أصحاب الشأن والجاه ممن "يرفلون" في المكاتب الفاخرة ويتحكمون في رقاب البشر من المغضوب عليهم "بـالتليكموند"، إلى الاستغناء عن شهادة جزائريتك "التي بات اغلب شبابنا يبحثون عن غيرها ولو على حساب حياتهم كما الحال بالنسبة "للحراقة" وتم استبدالها بشهادة ميلاد الأب أو الأم أو حتى شهادة وفاة أحدهما وهو الوضع الحقيقي الذي يجب أن يكون ، مع الإبقاء على هذه الشهادة "الجنسية" في الملفات الجديدة فقط وهو آخر ما توصلت إليه العبقرية الفذة لمنظمينا ومشرعينا وفقا لقاعدة مادام أن "كل شيء قابل للتغيير" ولو بعد حين فلا بأس بالأمر على هذا النمط.
ولكن التساؤل الذي يطرحه كل جزائري على هؤلاء الجاثمين على رقابه أبد الدهر ويظل في حيرة من أمره تنخر جسده "القنطة" والبيروقراطية ، إلى متى نظل "نلهث" وراء إثبات جنسيتنا؟؟؟؟ وهو "المسلوب من أبسط الحقوق" في هذا الوطن الذي ولد فيه " قدرا مقدورا"...
لعله وبالعودة إلى قانون الجنسية الجزائرية نلاحظ مدى التناقض الحاصل بين ما هو منصوص عليه قانونا وما تنطوي عليه تلك النصوص التنظيمية الخاصة التي يجتهد عباقرتنا في تكبيل المواطن بها لا لشيء إلا لأن الجزائر بلد بيروقراطية الملفات الضخمة بامتياز على نافلة "تمخض الجبل فولد فأرا".
لقد نصت المادة السادسة 06 من قانون الجنسية الجزائرية (الأمر رقم 70-86 المؤرخ في 15/12/1970 المعدل والمتمم بالأمر رقم 05-01 المؤرخ في 27/02/2005 )(ج.ر رقم 15 ،ص15 )على كيفية اكتساب الجنسية الأصلية :"يعتبر جزائريا المولود من أب جزائري أو أم جزائرية".
ويقصد بعبارة "الجزائر" مثلما أوضحته المادة رقم 5 :"مجموع التراب الجزائري والمياه الإقليمية الجزائرية والسفن والطائرات الجزائرية".
معنى هذا أن جميع ما هو مولود بالجزائر فهو جزائري ويتمتع بالجنسية الجزائرية ، ألا يكفي في هذا الصدد أن تثبت شهادة الميلاد الأصلية الجنسية الجزائرية ، هذا دون الدخول في تعدد كيفية اكتساب الجنسية مع توافر حالات متباينة ومتشابكة الأوجه كما في حالة الجنسية بالنسب من الأب المجهول أو عديم الجنسية المعدلة بالأمر الأخير، خاصة وأن الغالبية العظمى للجزائريين مولودين من أب وأم معروفين وهذا ما أكدت عليه المادة رقم 7 من القانون السابق الذكر لمعالجة الحالات الأخرى حيث نصت على ما يلي:
  يعتبر من الجنسية الجزائرية بالولادة في الجزائر:
1- الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين إن الولد الحديث الولادة الذي عثر عليه في الجزائر يعد مولودا فيها ما لم يثبت خلاف ذلك. 
2- الولد المولود في الجزائر من أب مجهول وأم مسماة في شهادة ميلاده دون بيانات أخرى تمكن من إثبات جنسيتها.
ومما سبق فإنه حتى الشخص المولود من أبوين مجهولين يعد جزائريا بالمولد ما لم يثبت هذا الشخص خلاف ذلك في كونه يتنصل من الجنسية الجزائرية ويثبت جنسية أخرى له كأن يقول ويثبت أنه "فرنسي" مثلا، وبالمقارنة  مع هذه الحالة الفاصلة أليس أولى بالشخص المعروف النسب والهوية بـ "شهادة الميلاد الأصلية" أن لا يسعى بالمطلق لإثبات جنسيته ، أم أن البيروقراطية المعشعشة في عقول من سلطوا على رقابنا تقتضي ذلك ؟ ولو كنا لها كارهين    ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق