السبت، 23 يوليو 2022

image

 قراءة في نتائج بكالوريا دورة 2022 لولاية الجلفة

ثانويات تعاني الإكتظاظ...وأخرى تبحث عن الريادة في غياب رؤية واضحة حول قطاع التربية

كشفت نتائج بكالوريا دورة 2022 لولاية الجلفة حقيقة النكبة التي يعاني منها قطاع التربية منذ سنوات وهي التي تقبع في ذيل ترتيب الولايات ككل موسم في غياب رؤية حقيقية ومعالجة جادة لمكامن الداء الذي يعاني منه هذا القطاع الحساس ومنه العمل على الرفع من مستوى النجاح بطريقة صحيحة.

ورغم ضبابية الصورة في إظهار الشجاعة من قبل كافة الفاعلين في القطاع وحتى السلطات الولائية لتحسين نتائج الولاية في الامتحانات الرسمية بعيدا عن "الهرولة" لوضع العربة أمام الحصان، من خلال مساءلة كافة العاملين بالقطاع ودراسة الخلل الذي تتخبط فيه ثانويات الولاية انطلاقا من غياب التحفيز والتلاعب في خارطة التأطير وسوء توزيعه، وصولا إلى "معضلة" التوجيه المبني على أسس خاصة، وكثرة الغيابات والتسخيرات وكذا الوضع تحت التصرف، إلى جانب الدور السلبي للإدارة ونقابات القطاع وجمعيات أولياء التلاميذ التي تبقى مجرد هيئات تختزل دورها في تمييع المشهد بطريقة أو بأخرى باستقالتها من أداء دورها المنوط بها...

من جهة أخرى تظهر البصمة في تحقيق نسب عالية لدى بعض مدراء ثانويات الولاية واضحة على حساب حقيقة المنتج، وهو ما يجعل من التسرّب المدرسي يضرب أطنابه ببعض المناطق والذي من شأنه أن ينعكس سلبا على الوضع الاجتماعي مستقبلا، ليجعل من  جموع المتسرّبين عرضة للضياع والتشرد ومختلف الآفات الاجتماعية التي تنخر الولاية...

30 ثانوية تعاني الاكتظاظ... وثانويات عاصمة الجلفة وعين وسارة ومسعد تتصدر المشهد!

بقراءة بسيطة لنتائج شهادة البكالوريا دورة 2022 نلحظ بما لا يدع مجالا للشك حجم الاكتظاظ الذي تعاني منه العديد من الثانويات عبر مختلف بلديات الولاية، حيث تبقى حصة الأسد من هذا الإكتظاظ من نصيب عاصمة الولاية الجلفة التي لا تزال تحتاج مزيدا من الهياكل التربوية من أجل مواكبة الاكتظاظ المتزايد والتقليل منه على المدى المتوسط، أين نسجل 30 ثانوية منها 16 ثانوية بعاصمة الولاية الجلفة بما يعادل أكثر من نصف الثانويات التي تم إحصاؤها تعاني اكتظاظا كبيرا يصعب معها تحقيق الولاية لنتائج جيدة، أين نجد 4 ثانويات منها ثلاثة بالجلفة وواحدة بمسعد يتجاوز عدد المترشحين بها لشهادة البكالوريا أكثر من 400 تلميذ وهو رقم يعادل ثانويات بحد ذاتها في مناطق أخرى، إلى جانب تسجيل 3 ثانويات يتجاوز تعداد مرشحيها لشهادة البكالوريا 350 تلميذ كما هو الشأن مع ثانوية نعيم النعيمي التي تحصي 378 مترشحا وثانوية طهيري عبد الرحمن 358 مترشحا بعاصمة الولاية وثانوية بن الأبيض قويدر بعين الإبل التي تسجل بها 350 تلميذا لوحدها.

أما بالنسبة للثانويات التي يتجاوز تعداد مترشحيها لشهادة البكالوريا الـ200 تلميذ ويصل إلى 290 تلميذا فيقدر عددها بـ 16 ثانوية منها 9 ثانويات بعاصمة الولاية الجلفة وثانويتين بعين وسارة ومثيلتها بمدينة مسعد وأخرى ببلدية القديد وكذا بدار الشيوخ وحاسي بحبح.

مع تسجيل 7 ثانويات يتجاوز تعداد مترشحيها بأكثر من 180 تلميذا تضاف لبقية الثانويات، لنخلص إلى مدى الإكتظاظ "المزمن" الذي تعاني منه العديد من ثانويات الولاية خاصة تلك التي توجد بمدينة الجلفة،  ومع العجز الرهيب في تعداد الهياكل التربوية على مستوى جميع الأطوار الثلاثة والذي يقدر بحوالي 69 مؤسسة، على لسان المسؤول الأول على قطاع التربية، منها 14 ثانوية بصفة مستعجلة للوصول فقط إلى المعدّل الوطني لتتمكن الولاية من اللحاق بالركب وتحسين المستوى و منه الترتيب على المستوى الوطني.... إلا أن الأمر يبقى يرواح مكانه ويحتاج إلى إرادة حقيقية على أعلى مستوى لمعالجة هذا المشكل الحقيقي بشكل جاد وإيجابي لرفع الغبن عن أبناء الولاية. 


ثانوية ابن باديس للمرة الثانية على التوالي...

بين سياسة تحقيق النجاح ....وتقليص تعداد المترشحين...واقع، أرقام وحكايات!

عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات على ما حققته ثانوية ابن باديس بحاسي بحبح من نسبة نجاح في شهادة البكالوريا دورة 2022 واحتلالها للمركز الأول ولائيا للمرة الثانية تواليا، فبين مؤيد لما حققته ومبارك لسياسة مدير المؤسسة وبين معارض ومشكك في مصداقية النتيجة المحققة التي سار أغلبها في نقد السياسة المتبعة والتي تعتمد حسبهم على سياسة "التصفية" بطريقة ممنهجة منذ بداية السنة الأولى ثانوي للوصول بتعداد أقل وبكل أريحية مع القسم النهائي قصد تحضيره جيدا والتحكم فيه لتحقيق نتائج عالية في شهادة البكالوريا ولو على حساب المتوسّطين الذين يكون الكثير منهم عرضة للتسرب المدرسي.

وبقراءة بسيطة للسياسة المعتمدة حسب الكثير من المتتبعين للشأن التربوي بهذه الثانوية فإن الأمر ينطلق من بداية توجيه تلاميذ متوسطات كل من الشهيد القندوز و ابن رشد بتعداد أقل، إلى جانب تقليص الشعب المفتوحة بها وعدم فتح شعبتي الرياضيات والتسيير والاقتصاد على الرغم من كون هذه الثانوية تقع بوسط المدينة وفي محيط عمراني كثيف.

ويستشهد الجميع بالتقليص المزمن مع كل دورة بكالوريا لتعداد مترشحي هذه الثانوية الذي بلغ 350 مترشحا في دورة 2015 ليصل إلى 105 مترشحا خلال هذه الدورة...فما هي العوامل التي أدت إلى كل هذا التقليص؟، وهل يمكن أن نعمّم تجربة هذه الثانوية لتحقيق الوثبة والنجاح على مستوى كافة ثانويات الولاية؟

إقرأ أيضا : قراءة هادئة في نتائج شهادة البكالوريا بولاية الجلفة...بين ثانوية بن باديس وثانويات أخرى ...حقائق وأرقام تحكي واقعا آخر!!


بمقارنة تعداد المترشحين لشهادة البكالوريا لدورة 2022 عبر مختلف البلديات الكبرى لولاية الجلفة نستشف أن أغلب الثانويات بكل من الجلفة ومسعد وعين وسارة تعاني من الإكتظاظ وقد يصل في بعض الثانويات إلى اكتظاظ رهيب يتجاوز حدود المعقول.

في مقابل ذلك تشهد ثانويات حاسي بحبح أريحية مقبولة ما يجعلها بعيدة عن تسجيل أي اكتظاظ بها باستثناء ثانوية بلحرش البشير التي سجلت 236 مترشحا هذا الموسم وهو أقل بكثير من تعداد الموسم الفارط الذي بلغ 304 مترشحا نجح منهم 80 تلميذا فقط، مع تسجيل رسوب 224 تلميذا، ما يطرح العديد من التساؤلات حول وجهة هؤلاء؟

بالمقابل تسجل ثانويات المدينة مجتمعة وعددها 7 ثانويات تناقصا في تعداد المترشحين لشهادة البكالوريا منذ 2018 وإلى غاية دورة 2022 فمن تعداد 1338 تلميذا (دورة 2018 ) وصل التعداد لهذه الدورة 1014 تلميذا فقط، رغم الاكتظاظ الذي تعاني منه متوسطات المدينة وكذا العدد المتزايد للمنتقلين من السنة الرابعة متوسط إلى الأولى ثانوي في كل سنة، ما يطرح العديد من الأسئلة حول هذا التناقص، وهل الأمر مرده لتناقص حقيقي في عدد التلاميذ أم أن سياسة "التقليص" و"الزبر" هي من تساهم في تسرب مدرسي رهيب وسط أبناء المدينة ستظهر أثاره في قادم الزمن...؟

من جانب آخر وفي الطرف النقيض لتصدّر 03 ثانويات من مدينة حاسي بحبح لجدول الترتيب الولائي، تقبع ثانوية قاسمي الحسني نورالدين من نفس المدينة في ذيل الترتيب لسنوات عديدة، وهذا بالرغم من تناقص عدد المترشحين للبكالوريا بها إلى 140 تلميذ هذه الدورة، فكان الأجدر، حسب المتتبعين للشأن التربوي، زيارة المسؤول الأول على القطاع لهاته المؤسسة المنكوبة و مثيلاتها للوقوف على مكامن الخلل عوض زيارات المجاملة التي لا تأتي بأي جديد للمؤسسات "المتصدّرة".

وعن مدى النجاعة في تحقيق الوثبة والمنتج الحقيقي في السير بالتلاميذ إلى بر الأمان، نلاحظ أن تعداد مؤسسات الريادة (ابن باديس وهميل وصادق) بحاسي بحبح هو 326 مترشحا لشهادة البكالوريا مع نجاح 235 تلميذا، وهي الأرقام التي تتجاوزها ثانوية الشيخ نعيم النعيمي لوحدها التي تحصي 378 مترشحا نجح منهم 198 تلميذا وهي نسبة جيدة بالمقارنة مع حجم الاكتظاظ التي تعاني منه هذه الثانوية والتي دائما تقدم نتائج طيبة كمّّا و نوعاً وتعتبر من بين أحسن الثانويات بالولاية لما تحققه من مُنتج حقيقي... 

 لجنة التربية بالمجلس الشعبي الولائي...

دورة "فاشلة" قبل إعلان نتائج الامتحانات الرسمية...ومعالجة جافة لواقع منكوب...

قبل أيام من إعلان نتائج شهادة البكالوريا دورة 2022 أسدل الستار عن دورة المجلس الشعبي الولائي حول قطاع التربية، ورغم أن الدورة بقيت مفتوحة لغاية أسبوع بعد عيد الأضحى إلى أن غياب رؤية حقيقية لمعالجة واقع التربية بالولاية عجل بفشل هذه الدورة التي ولدت منذ البداية ميتة، من خلال تقديم العربة أمام الحصان، والتي كان من المفترض أن يتم التحضير لهذه الدورة بعد إعلان نتائج الامتحانات الرسمية والتي على ضوئها يتم دراستها بكل تفاصيلها والخروج بحلول عملية لمكامن الضعف والنقص فيها.

وكانت هذه الدورة قد شهدت غياب أبرز الفاعلين في قطاع التربية بالولاية الذي يطالبون في كل مرة بدراسة جادة لواقع التربية المنكوب بعيدا عن الارتجالية والتغطية عن الأخطاء المتكررة والتي ترهن سمعة ولاية بأكملها.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق