الأربعاء، 15 نوفمبر 2017

النقد الأدبي مقالات الملتقى الدولي عبد الحميد بن هدوقة للرواية ال15

الممارسة النقدية في الرواية الجزائرية بين الذاتية والموضوعية قراءة في نماذج نقدية لروايات جزائرية

أ.د: إبراهيم عبد النور  جامعة بشار ــ الجزائر ــ
أ.د: إبراهيم عبد النور  جامعة بشار ــ الجزائر ــ
تكتسب الرواية الجزائرية ذات التعبير العربي سمات الظاهرة الأدبية التي تفتح شهية المبدعين وتشد إليها اهتمام النقاد والقراء على حد سواء ،انطلاقا من أهميتها و موقعها في خريطة الإبداع الفني في الجزائر.فقد ظلت الرواية الجزائرية مند نشأتها تسعى بإصرار إلى اللحاق بركب الرواية العربية والعالمية كتراكم روائي وفن إبداعي له سماته وخصوصياته وجمالياته، وهذا يعود بالأساس إلى قدرة الرواية على إغراء الكتاب إلى اقتحام مسالكها وكذا قدرتها  على الاستيعاب والتعبير عن تشعبات وإشكاليات المرحلة التاريخية التي تمر بها الجزائر ، والبحث في طبيعة الممارسة النقدية في الرواية الجزائرية يقودنا حتما إلى الكشف عن المعرفة النقدية وانزياحها بين البحث عن أصل لكل تطور شهدته الرواية الجزائرية الحديثة ، وهو سلوك وضع الخطاب النقدي الجزائري المعاصر تحت وطأة محاولات الإنعاش المستمرة للأسئلة النقدية القديمة ومن خلال ربط الاجتهادات النقدية العربية التراثية على نحو تعسفي بنظريات حديثة، لها أسئلتها المختلفة، وسياقاتها الكلية الفلسفية والاجتماعية المتباينة أو بين، نقاد انتسبوا  للحداثة فآثروا تطبيق ما نقلوه من نظريات على إبداعنا المحلي حتى وإن ظل هذا المنقول مشوها، إما بسبب ضعف لغة الناقل، أو بسبب غياب المعرفة بالأسس التي قامت عليها هذه النظريات في بيئاتها النظرية الغربية المختلفة عن بيئتنا الجزائرية..و خلفياتنا الإيديولوجية ، فنتج عنه غياب نقد مؤسساتي في غياب التخصص، وهو ما يظهر في التباين بين الممارسات النقدية في الجزائر الذي أدي إلى تباين في المستوى المعرفي و الثقافي المصاحب لكل عمل روائي وهو أمر واضح في غياب الكتب النقدية الجزائرية المتخصصة، فحصل ما نسميه النقد الانطباعي أو النقد الفايسبوكي عبر فضاء الانترنت . 
إن الحديث عن النقد في الرواية الجزائرية يثير إشكالية واقع الممارسة النقدية في الجزائر ، وهنا نتساءل: هل ثمة نقد روائي يواكب الحركة الإبداعية؟ وإن كان فما هي الأسس والمواقف والرؤى التي عمل على ضوئها هذا النقد ؟ وماهي خصوصياته ؟ وحتى وإن كنا نوافق على حداثة ميلاد الرواية الجزائرية ،الفنية المكتوبة باللغة العربية ،مقارنة بالرواية العربية في المشرق، فهل توقفت الدراسات النقدية عند روايات  الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة رغم قيمة الروايات الجمالية والفكرية ،لماذا لم يساير النقاد الجزائريين هذا الزخم السردي عبر مراحل تطوره في تحقيق التفرد بالعدول عن النموذج المشرقي؟ لماذا لم  يتمكن البحث الأكاديمي  من الوصول إلى ممارسة نقدية واعية ومتوازنة، تستمد حضورها من مكونات الأمة الثقافية والحضارية والفكرية...أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها في قراءات لنماذج نقدية لروايات جزائرية معاصرة.
بدأت الاتجاهات الجديدة لنقد القصة والرواية بالتكون في مطلع السبعينيات، وحملت معها بذور الصراع مع اعتمال النقد بهويته وتعرفه إلى مقوماته التراثية. فنشط النقد، وتوسعت فعاليته في حياة الابداعية العريضة بين الكتاب والقراء. وامتد إلى الساحات الأكاديمية والعلمية والاتصالية، وانتشرت العديد من الرسائل الجامعية ، وتضاعفت أعداد المذكرات للطلبة المقبلين على التخرج في التدرج ، وحظيت القصة والرواية ونقدهما بعناية يعضدها تقدم هذين الجنسين الأدبيين على بقية الأجناس الأدبية الأخرى، وتبوأت الرواية المكانة الأولى بوصفها ديوان العصر ، والأكثر تعبيراً عن الذات القومية والمصير الإنساني، واشتغل النقاد بدراسة نشأة القصة والرواية وتاريخهما وتطورهما .
مسار تطور الرواية الجزائرية:
حيثيات البداية:
 يجمع مختلف النقاد من أمثال عبد الله الركيبي ، مخلوف عامر، واسيني الأعرج على أن رواية عبد الحميد بن هدوقة " ريح الجنوب" هي أول عمل روائي صدر بالجزائر 1971 م،حيث توفرت له مقومات الجنس الروائي في ظل الفراغ الذي ساد الساحة الأدبية الجزائرية .وإن كانت هذه البداية الفعلية للخطاب الروائي الجزائري لا تثير أي جدالا,  أواختلافا بصددها ،فإن وجهات نظر أخرى تفرض وجود بدايات ممكنة لهذه البداية الفعلية ، ما يجعلنا نعترف أن التاريخ الدقيق والمضبوط لنشأة الرواية الجزائرية صعب جداً "ويصعب الحديث عن التأريخ الحقيقي للرواية   الجزائرية" .فالعديد من الدارسين يؤرخ لميلاد الرواية الجزائرية العربية بالرواية المكتوبة باللسان الفرنسي التي تعتبر الأسبق تاريخيا منها رغم اشتراك كليهما في الهوية الثقافية والانتماءات الدينية و الوطنية ، إذ كان الكتاب بالفرنسية سباقين إلى إنتاج نصوص روائية بلغت درجة عالية من النضج ،كما أنهم أجمعوا على وجود إرهاصات جنينية. عبدّت الطريق أمام الرواية الجزائرية المكتوبة باللسان العربي ،و احتضنت هذا الجنس التعبيري إلاّ أن ظهر للوجود بشكل فني مكتمل.وهذا ما ظهر جليا مع رضا أحمد حوحو في روايته "غادة أم القرى " أو قصته المطولة كما يراه البعض، و قد عدّها واسيني الأعرج أول عمل روائي مكتوب بالعربية في الجزائر، و قال عنها "أنها ظهرت كتعبيير عن تيار الوعي الجماهيري  بالرغم من آفاقها المحدودة" .كما أنها وُسمت بالضعف الفني وافتقادها للشروط الفنية التي يقضيها الجنس الروائي ،إلا   أنها "شكلت انفتاحاً جديداً بالنسبة للرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية" .و تلتها محاولات أخرى تمثلت في رواة الطالب المنكوب لعبد الحميد الشافعي"1951م"  والحريق لنور الدين بوجدرة "1957م" وصوت الغرام لمحمد منيع"1967م" .
إن هذه المحاولات الجنينيةة كانت اللبنات الأساس الذي شُيّدت على صرحها معالم الرواية الجزائرية باللسان العربي، إلى أن جاء المخاض الفعلي على يدبن هدوقة بروايته ريح الجنوب ذلك " الإنجاز الفني الهام الذي أضاف إلى الرواية العربية في الجزائر لبنة متينة في إطار خلق و ترسيخ القيم الثورية الجديدة و تدمير المورث السياسي ".
وأيّا كانت الآراء حول الإرهاصات الجنينية المشكلة للخطاب  الروائي الجزائري فإنه من المؤكد أن "ريح الجنوب" تنتزرع بجدارة شرعية البدء للرواية الجزائرية .
و من المفارقات العجيبة التي شهدتها  حيثيات بداية تشكل الرواية الجزائرية العربية معاينتها توقيع شهادة ميلاد للمرة  الثانية مع الروائي "الطاهر وطار"،الذي يعدّه المؤرخون أب الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية، و مشكل ملاحمها الفنية البارزة فهو على حد تعبيره يجسد استقلال الجزائر ثقافيا عن فرنسا بقوله :"أنا اعتبر نفسي ثالث ثلاثة وقعوا على وثيقة استقلال الجزائر عن فرنسا  بكتاباتي باللغة العربية فالأمير عبد القادر الجزائري حرر الذات الجزائرية من آثار المستعمر الفرنسي  وبومدين أسس الدولة الجزائرية الحديثة ، و أنا وقعت على وثيقة الاستقلال الثقافي عن فرنسا ".
فطاهر وطار وقع الاستقلال الثقافي و الفني بإخراجه الرواية من "التابوت اللغوي  والمضامين المستهلكة "،برواية اللاز التي ظهرت للوجود عام 1972 م و  يشهد لها بالتفوق الفني و الإبداعي عن سابقتها ريح الجنوب، و كانت بامتياز و إجماع علامة فارقة "مضافة إلى ما أنجزه الروائيان العربيان الراحلان الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال و إميل حبيبي في روايته "سعيد أبو النحس المتشائل" ، وبالرغم من أسبقية بن هدوقة إلا أن طاهر وطار انتزع منه أحقية و شرعية التأسيس الحقيقي والفعلي للرواية الجزائرية العربية، لمثابرته عليها بشكل منتظم و دؤوب  وإنتاجه الفني شاهد له بذلك، فلا ضير أن يعتبره البعض غوغول الرواية الجزائرية " من الناحيتين التاريخية و الفنية و كذلك من ناحية الكم ، و قد عمل وطار منذ انطلاقته على تطوير تجربته بشكل لافت ".
 و بذلك فتح الأبواب حاملا المشعل و مدعما بناء الصرح الروائي ليتحقق التراكم بعده بظهور أقلام روائية واصلت مسيرة التشييد أمثال، واسيني الأعرج ،مرزاق بقطاش أمين الزاوي  ، أحلام مستغانمي ،إبراهيم سعدي ، الحبيب السائح ،محمد عرعار  وغيرهم  ممن عرفوا بأدباء الثمانينات ، وتواصل الإنتاج و التراكم مع أدباء التسعينات نذكر منهم بشير مفتي ،ياسيمنة صالح ،أحميدة العياشي ، ياسيمنة خضرة ،بوعلام صنصال ،الطاهر جاووت  .
في حديثنا عن حيثيات بداية الرواية  العربية الجزائرية الفنية، يظهر لنا جليا أنّ ولادتها كانت مؤجلة إلى غاية 1971 كما سبق  وأن أشرنا الأمر الذي يستدعي خطوات حفرية في الأسباب التي حجبت ظهورها، بالفعل سؤال ملح يتخبط في جدران العقل عن أسباب التأخر بالمقارنة مع  بنظريتهما المكتوبة بالفرنسية.
ظروف تأخر ظهور الرواية العربية الجزائرية 
فالسؤال مشروع و يحق له أن يطرح نفسه وبشدة لماذا هذا التأخر في ظهور إلى ما بعد الاستقلال ؟ و بسنوات أيضا ، لا شك أن الظروف و الأسباب و العوامل تكاتفت وتآزرت بشدة لتؤجل هذا الميلاد و لعل من أبرز هذه الأسباب :
الشعر  ذاك  الفن القومي الأول للأمة العربية عبر امتداد الزمن ، ففيه يتجسد مفهوم الأدب  عندهم وقد انطبع هذا المفهوم  في الأذهان  وترسخ " لكونه يعود إلى الارتباط اللاشعوري بالبيئة العربية القديمة، التي كانت تتنفس الشعر في حلها و ترحالها و تعده المرجعية الأساس لكل تعبير ثقافي ،فلم يكن هناك أصلا اهتمام بالرواية كفن قائم بذاته بل إن مفهوم الأدب كان ينحصر في الشعر وحده " ، و تعمق هذا المفهوم و زاد في هوة الجفاء مع الجنس الروائي بالاستلام لفكرة مسلمة  وثابتة تجسدت في مقولة " الشعر ديوان العرب " ، ورسخت بعض الجرائد آنذاك هذا المشهد ،فكانت جريدة البصائر مثلا تخصص بابا للأدب الجزائري لا ينشر فيه إلا الشعر" مما فرض غربة على فن النثر و شعور كتابه بالحيف" .
فالشعر سيطر على الساحة الأدبية ردحا من الزمن باعتباره فن النخبة المثقفة التي كانت تنظر للرواية باعتبارها فنا غربيا مغاير تماما لثقافتنا العربية ، و كأنها محتل يريد اكتساح الساحة الأدبية كما تم  بالفعل احتلال أرضنا .و مرد ذلك إلى أن "الكتابة الأدبية نشأت في أوساط النخبة ذات الثقافة التقليدية المرتبطة بالشعر أكثر من غيره ممثلة في جمعية العلماء المسلمين و تلاميذها فلم يولوا أهمية لبقية الأجناس الأدبية " .
غير أنّ الانتصار للرواية  لا يعني البتة  أنّ الشعر لم يعد قادراً على تلبية المطالب الفكرية و الروحية و الجمالية و التعبير عن قضايا المجتمع، همومه ،تناقضاته  ورؤاه، ولكن إزاء انهيار  القناعات والثوابت واغتراب ودخول الإنسان في دوامة القلق، تزايدت تناقضات المجتمع وفسح المجال أمام الفن الروائي، باعتباره جنسا مرنا يلبي مطالب المرحلة وقادرا عن التعبير عن كل التناقضات في كافة الأصعدة ،وأيضا على استيعاب هذا الزخم الهائل من التشظي والشتات، و"منذئذ أبدت فنون السرد قدرة كبيرة على التعبير عن هموم إنسان العصر وأزماته النفسية والروحية نظرا لمرونتها واتساع قماشتها وعنايتها بالتقاط التفاصيل وتنوع تقنياتها وانفتاحها على الفنون الأخرى وبخاصة الشعر"  . بالإضافة إلى هذا السبب الذي أراه ذاتيا فإن هناك عوامل أخرى خارجية تضافرت معه لتكريس مشهد التأخر في الظهور تمثلت في عوامل ثلاث هي :
1 ـــ العامل السياسي:
 ساهمت ظروف الصراع السياسي و الحضاري التي كان يعيشها الشعب الجزائري في تأخير ظهور الرواية العربية بالجزائر، فالمستدمر الذي احتل الجزائر سعى بكل وسائله إلى طمس و محو الهوية الإسلامية ، الدينية ،الوطنية والقومية و اقتلاعها من جذورها فهذا" الاستعمار الذي عرفته الجزائر و المغاير تمام المغايرة لما عرفته باقي الأقطار العربية فالجزائر زال فيها كل وجود للدولة الوطنية ".كما حورب الشعب في كل مقوماته و صار التعليم بالغة الوطنية جريمة ، وما ميلاد الرواية الجزائرية باللغة الفرنسية إلا ميلاد استثنائي نتيجة ظروف استثنائية "إذ سنحت لهم فرصة ولوج المدارس الفرنسية و الاحتكاك بالثقافة الغربية فكان نتيجته الإبداع في فن الرواية بلسان فرنسي يعبر عن هموم الإنسان الجزائري" .
إن الثورة المسلحة مرحلة حاسمة استنفرت لها كل الطاقات البشرية و الفكرية و كان سبيلهم فيها اللجوء إلى الشعر و المقالة الفكرية و القصيرة و التي اتخذت في هذه الفترة بالذات طابعا رومانسيا واضحا ، فكان من الطبيعي أن نجد الشعور الثوري غزير الإنتاج في هذه الفترة باعتباره السلاح الذي اتخذه الأدباء لقرع المحتل واستلهام الشعب وشحد همته للمقاومة و الانتفاض .
إذ لا فرق بين الكفاح بالقلم و الكفاح بالسلاح فكلاهما كانا خطرا على المحتل الذي " لم يأت ليزرع ثقافة عالية كما زعم الزاعمون إنما جاء ليدمر معالم الأمة و يكمم أفواه أقطابها فلا يتحدثون إلا همسا و لا يكتبون إلا خلسة .كما أن طبيعة الاستدمار الذي احتل الجزائر كان متجها نحو ضربها في ثقافتها لعلمه بأنها الأساس الذي تقوم عليه حركات التحرر،وتطور المشهد الأدبي والثقافي" فلهذا فإن الثقافة العربية في الجزائر منذ دخول الاستدمار الفرنسي تعرضت إلى محنة بالغة القسوة ،إذ لم يستهدف الاستعمار استيطان الأرض واغتصاب خيراتها فقط ،ولكنه عمد كذلك إلى فصل الشعب الجزائري عن جذوره ،وقطع أواصر العربية الإسلامية .وذلك بالقضاء التدريجي المتعمد على اللغة العربية و الثقافية الإسلامية ، ومصادرة الحريات العامة والاستعاضة عنها جميعا بنشر ثقافته ولغته وصحافته الناطقة بأرآئه".
2 ــ العامل الاجتماعي:
مما لا شك فيه أن كل احتلال يسعى لتدمير القيمة الاجتماعية للبلد المحتل لإخضاع شعبه بالجوع والجهل ، فهل سيفكر هذا الشعب في الثقافة ،أو في الإنتاج الأدبي  و"كيف يشتري الجزائري الكتاب أو يرتاد المسرح في الوقت الذي كانت فيه الأغلبية الساحقة من الشعب تعيش في فقر مدقع و في وضعية اقتصادية مزرية ".
و مما زاد في ترسيخ هذا الوضع الاجتماعي البئيس " الظروف الاجتماعية القاسية من فقر،  بؤس  وحرمان انتهجتهما السياسية الاستدمارية خلقت شعبا  يرتع في الأمية  وهذا ما ذكره باحث فرنسي منصف و هو سيسبيل إيمري " يوجد في قطر الجزائر بعد مئة عام  من انتصابنا فيه 82%  من الأميين الذين يجهلون القراءة و الكتابة "
فالظروف الاجتماعية المزرية التي عاشتها الجزائر كانت نتيجة حتمية و منطقية للظروف السياسية، وإفرازاتها على الشعب الجزائري من أمية ،جهل،جوع وحرمان وهي أمور لا تهيئ أبدا الفرصة للحديث عن مشهد أدبي في ظلها .
3 ــ العامل الفني و الثقافي:
 يعتبران هذان العاملان ( الفني/ الثقافي ) من أكثر العوامل التي عرقلت و أعاقت ظهور الجنس الروائي ضمن نشاطات الحركة الأدبية بالجزائر ، فالظروف السياسية  والاجتماعية أشد التصاقا بالظروف الثقافية و تأثيراً على وجهتها " ذلك أن الوضع الثقافي و الاجتماعي و السياسي للجزائر في العهد الاستعماري لم يكن مواتيا لازدهار الثقافة و الأدب، لأن حلقة الوصل  بين الكاتب والقارئ كانت مفقودة إذ كان لا بد لأي عمل فكري أن يمر عبر وسيلة الاتصال التي هي النشر ، فكيف يتم ذلك في الوقت الذي كانت فيه كل وسائل الطبع و النشر في يد المستعمرين ؟ و كيف يكون هناك قارئ في مجتمع كانت الأمية فيه إلى عهد  الاستقلال تزيد عن 90% . فالتصنيف الذي مورس على المبدع الجزائري تجاوزه إلى التضييق على الحرف العربي في الجزائر كون كل وسائل النشر كانت تحت يد المستدمر ،لذلك لم يكن متاحا للنخبة القليلة المبدعة باللغة العربية إلا  إمكانية نشر بعض القصائد أو بعض القصص القصيرة على صفحات جرائد عربية محدودة العدد ،حيث كانت تخصص صفحة  أوصفحتين للإبداع الشعري بالأساس و القصصي بالدرجة الثانية أو الثالثة .كما أن هذا الفن يحتاج إلى تأمل طويل و إلى صبر وأناة ،ثم يتطلب ظروفا ملائمة تساعد على تطوره و عناية الأدباء به، و في مقدمة هذه العوامل أن الكتاب الجزائريين الذين كتبوا باللغة العربية اتجهوا إلى القصة القصيرة ،لأنها تعتبر عن واقع الحياة اليومي خاصة أثناء الثورة التي أحدثت تغييرا عميقا في الفرد . أما الرواية فإنها تعالج قطاعا من المجتمع بشكل من شخصيات تختلف اتجاهاتها  ومشاربها و تتفرع تجاربها و تتصارع  أهواؤها و مواقعها .
فالرواية تتطلب لغة طيّعة مرنة  قادرة على تصوير بيئة كاملة هذا لم يتوفر لهم سوى بعد الاستقلال ،  وفوق هذا فإن كتاب الرواية لم يجدوا أمامهم نماذج جزائرية يقلدونها أو ينسجون على منوالها كما كان الأمر بالنسبة للكتاب باللغة الفرنسية .        مع ذلك فإن كتاب الرواية العربية قد اتيح لهم أن يقرؤوا في لغتهم عيونا واسعة في الرواية العربية لكنهم لم يتصلوا بهذا النتاج إلا في فترة قريبة بسبب الظروف التي عاشوها و عاشتها الثقافة القومية في الجزائر .و لكن مهما اتجه الكتاب الجزائريون للكتابة القصصية في هذه الفترة الحاسمة إلا بنَفسِها المحدود ،أنها لن تكون قادرة على تجسيد المستقبل جماليا بكل تناقضاته  وتنوعاته، و" لن يحمل هذا العبء إلا الرواية باعتبارها فن المستقبل الذي بإمكانه أن يلقي القبض على اللحظة التاريخية بكل أبعادها في لحظة توترها و عنفوانها ، فهي ليس مجرد تركيب فني مجبر على الالتزام بقواعد ما ، و هي تجسيد للواقع فنيا بكل  ما يحمل هذا الواقع من تناقضات طبيعية 
و لعل تقليبنا في موضوع حيثيات البداية للرواية الجزائرية ، دفعنا بشكل تلقائي إلى  أن نثير سؤالا تقلديا  أشبعه النقاد والدارسون  بحثا وإجابة، و لكن التعريج على هذه   الظروف التي  حجرت و أعاقت ظهور الرواية الجزائرية باللسان العربي بالمقارنة إلى الرواية الجزائرية الفرنسية ، كانت ضرورة أبرزت لنا أن "هذه العوامل جعلت الحركة الأدبية تعاصر ظروفا  صعبة جداً و قاسية أعاقت انطلاقتها و حجّمت قدرتها على الخلق و الإبداع و العطاء "
خصائص الكتابة الروائية في مراحل التطور:
سالت أقلام النقاد و الدارسين تُسائِل التاريخ عن أول خطاب روائي جزائري عربي كان له الأسبقية في حمل لواء الريادة في هذا المشروع الروائي ، و اختلفت الرؤى  والآراء و الاتجاهات إزاء ذلك فهناك ما لا يقل عن ثلاثة تواريخ شائعة في كتابات الدارسين عن بداية الرواية الجزائرية و هي على التوالي سنة 1947 يربطونها بصدور "غادة أم القرى" لأحمد رضا حوحو ، و سنة 1957 مع ظهور" الحريق "لنور الدين بوجدرة سنة 1971 و بصدور رواية "ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة . حتى إن تباينت الآراء واختلفت تبقى هذه النصوص المذكورة سواء على مستوى شكلها ومضمونها  وأسلوب كتابتها، تطورا طبيعيا و منطقيا في مسار الروائي الجزائري فتكون بذلك غادة أم القرى إرهاصا لبداية الرواية و الحريق بنقائصها تطورا طبيعيا لهذا الفن، ونختم بريح الجنوب النموذج الأفضل لتوفرها على الشروط الفنية التي تقتضيها الرواية، و استمر التطور ليحقق تراكما كميا كبيرا من الإنتاج اغتنى به المشهد  الأدبي الروائي الجزائري بما قدمه للقارئ من متعة ،بدءا من صدور ريح الجنوب 1971م  إلى يومنا هذا ، فبين هذين الزمنيين مرت الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية بمراحل ثلاث أجمع الباحثون بأنها  مرحلة تأسيس ثم تأصيل إلى التجريب .
وبمقابل هذه المراحل الثلاث نجد من الدارسين و الباحثين من يرصد مسارات تطور الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية ،يسقط عليها التقسيم الزمني فكانت  فترة السبعينات  تقابلها مرحلة التأسيس ، و فترة الثمانيات تقابلها مرحلة التأصيل ، ثم تأتي فترة التسعينات وما بعدها تقابلها مرحلة التجريب . بين شذ و جذب هذه التقسيمات أو تلك فإن أهم ما يلاحظ بأن هذه الفترات و المراحل مجرد خطوط وهمية يستحيل الفصل بين حدودها و تداخلاها ، فهذا التداخل وذوبان الحدود الفاصلة بين الفترات و المراحل أدى إلى إفراز مصطلح التداخل الجيلي  "ويقصد به استمرار  الكتابة الروائية بالنسبة لروائيي جيل السبعينيات و تداخلها مع الكتابة الروائية لجيل التسعينيات الذين نعتوا بجيل الأدباء الشباب"   فإن نظرنا بهذا المنظار إلى الرواية الجزائرية فإننا نجد أنفسنا أمام مرحلتين بارزتين تكملان بعضهما و ألا وهي مرحلة جيل الرواد ( فترة السبعينات) و مرحلة جيل الأدباء الشباب (فترة التسعينات) باعتبار أن فترة الثمانينات عدها الباحثون امتدادا لفترة السبعينات ،وفترة فراغ فني لا كمي أو إنتاجي ،فكتابات الثمانينات و أن بدأت تطرق رحاب التجريب والتجديد إلا أنها كانت امتداد لفترة السبعينات.                     
إن ضرورة المسح التاريخي تتطلب التقسيمات الزمنية  التي مرت بها الرواية بتشكيلاتها  الفنية و الموضوعية عبر مراحلها المختلفة .و قد أنجبت الكتابة الروائية المرتبطة بكل مرحلة من المراحل نتاجا روائيا يحمل في ثناياه خصائص كل مرحلة ، فما إن نباشر قراءة رواية ما حتى تسافر بك دون تذكرة إلى الفترة الزمنية التي أنتجتها ، و حيال هذا ألفينا نمطين متناقضين من الكتابة الروائية يتناقض أحدهما الآخر و يكمله في الوقت نفسه ،فالرواية التسعينية كما أطلق عليها البعض تمييز بخصائص فنية تبتعد فيها عن الرواية السبعينية وفي الوقت نفسه تقترب منها أو تتقاطع معها. و قبل الخوض في غمار خصائص الكتابة الروائية لمرحلتي السبعينات والتسعينات  لابد من التعريج على أهم ثلاث محطات مرّت الكتابة الروائية الجزائرية خلال مسار تطورها  :
1 ــ اتجاه الكتابة الروائية نحو استحضار حرب التحرير من باب التمجيد و التلذذ بالذكرى، أو بقصد استحضارها لتكون جسراً يقود إلى شاطئ الأدبية و نادرة هي الأعمال التي رسمت صورة الحرب لنقدها أو الكشف عن جوانبها المغيبة .
2 ــ وتمثله الكتابة في السبعينات ،والتي لم نتج من شرك الخطاب السياسي ، وكأن الكتابة الأدبية تتكئ مرة أخرى على السياسي و الاجتماعي الذي يمتح من الفكر الاشتراكي عموما لكسب الشرعية الأدبية، واللجوء أحيانا لتوظيف التراث لإضفاء البعد الجمالي
3 ــ وتمثله العشرية الأخيرة من القرن العشرين حيث عاد الخطاب السياسي ليحتل الصدارة ،فلا نكاد تقرأ رواية إلا وفيها من آثار الصدمة الدموية قليل أو كثير.
خصائص الرواية السبعينية:
هناك مرحلة جنينية تحسست فيها الكتابات الجزائرية الطريق إلى الرواية قبل أن تدركها، فتمخض عنها كتابات قلقلة تتأرجح بين القصة المطولة أو الرواية  وإن صح القول شبه روائية ،كانت دعائم  لها الفضل في تشييد صرح الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية .
غير أن هذه البذرة لم يكتب لها النمو و التجذر بسبب العوامل و الظروف التي كرست مشهدا من الجمود و الركود عقب هذه الفترة .فكيف لوطن رزح تحت وطأة الاستدمار قرنا ونيفا من الزمن له أثاره القاسية آثار جديرة بأن تؤخره عن مواكبة ركب الحياة على اختلاف أشكالها ومظاهرها، وأنّى له التفرع للكتابة بأنواعها. فلا عجب أن يسود المشهد الأدبي حالة من العقم و الفراغ أجّلا ميلاد الرواية الجزائرية على أسسها الفنية إلى فترة السبعينات على يد المؤسسين الراحلين عبد الحميد بن هدوقة وطار الطاهر  كما برزت مجموعة من الأدباء أمثال :واسيني الأعرج، مرزاق بقطاش  أمين الزاوي، الحبيب السائح، محمد عرعار، محمد ساري،
عبد الملك مرتاض  وغيرهم  وكتعداد بسيط للأعمال الروائية التي كتبت في هذه الفترة . عبد الحميد بن هدوقة: ريح الجنوب، الجازية، الدروايش، نهاية الأمس، غدا يوم جديد. ... الطاهر وطار: اللاز، الزلزال، عرس بغل، العشق والموت في الزمن الحراشي ، الحوات و القصر..  مرزاق بقطاش: طيور في الظهيرة ، البزاة ، عزوز الكبران   واسيني الأعرج :جغرافية الأجساد المحروقة ، و قائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر ، وقع الأحذية الخشنة ، نوار اللوز، مصرع مريم الوديعة ، ما تبقى من سيرة لخضر حمروش ، ضمير الغائب .   الحبيب سائح : زمن النمرود . عبد الملك مرتاض : نار و نور و دموع  الخنزير. علاوة بوجادي : قبل الزلزال .                                                                                        هذه نماذج على سبيل المثال لا الحصر كللت بها هذه الفترة "فالأسماء التي ظهرت في الثمانينات هي أسماء واعدة ينتظر منها الكثير في مجال الكلمة المكتوبة ، و لا بد هنا أن أضيف أن هذه الأسماء هي امتداد لفترة السبعينات و هذه الأخيرة التي عدت الفترة الإبداعية الذهبية بالنسبة للجزائر ".   باعتبارها الفترة التي أحدثت انعطافا جديداً في مسار الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية كان من إفرازاتها بزوغ فجر الجنس الروائي المؤسس على دعائم فنية بلغت درجة عالية من المخيال السردي والحبكة الفنية، ومعاصراً لفترة التحولات التي شهدتها الجزائر آنذاك على كافة الأصعدة ، فمن الطبيعي أن تتصدر الرواية المشهد الأدبي.  فقد استطاعت برحابة صدرها و شساعة مساحتها أن تحوي جميع تناقضات فترة الاستقلال وما بعدها وما أفرزته من مفاهيم غيرت وأربكت ما كان سائدا وقاراً في جميع المجالات الحياتية . فكان مفهوم الثورة الزراعية الاشتراكية الطبقة العمالية  وغيرها من الأفكار والمفاهيم المستحدثة على مجتمع خرج مثقلا من حرب أبادته  وأنهكت كاهله ، فكان من الصعب على الشعر أن يستوعب هذه التناقضات، وأن يعبر عن همومها ،كما عجزت القصة هي الأخرى عن استيعاب أدق تفاصليها ، فكانت الفرصة سانحة أمام "الرواية بفضل مرونتها و مطاطيتها أن تمتص حرارة هذه التناقضات وتموجاتها وثورتها، وتسهم  في  نقل الواقع بكل تفاصيله وحتى التعبير فيه لكونها من ألصق الفنون الأدبية بالمجتمع" .
بعد الاستقلال تمخض الواقع عن معادلات جديدة و تحولات في البنية السياسية  والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ،وتبديل في منظومة القيم وانهيار المثل والشعارات الوطنية، وبداية ظهور أيدولوجيات جديدة أخضعت فن الرواية لإرغامها" فكان مرجعية معرفية لمختلف التحولات الاجتماعية التي عرفتها الجزائر من خلال تناول لمواضيع عديدة ، فتطرقت إلى مواضيع الثورة وقضايا ما بعد الاستقلال ، وكل ما يستجد من المواضيع التي تتعلق بالواقع الذي يُعدّ الروائي جزء منه ".
تيمة الثورة في الرواية الجزائرية :
شكلت حرب التحرير منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر" وألقت بظلالها على الكتابة الروائية ذات اللسان العربي" فأصبحت الثورة و قضاياها مادة روائية  خصبة نهل  منها الرعيل الأول من الروائيين و مرجعا أساسيا يتكون عليه في إغناء المضامين ، كل من رؤيته الفكرية والايدلوجية التي يؤمن بها، وتفجرت القرائح وتوالت الإنتاجات الإبداعية منشطرة بين موقفين متناقضين في معالجة الثورة و أصدائها:
1.موقف لا يختلف عن الخطاب الرسميبل لا يعدو أن يكون صدى باهتا لهولعله يتخذ من الثورة موضوعا له ليجعله جسراً يعينه على العبور إلى شاطئ الأدبية .
2.موقف آخر يحركه هاجس نقدي يطرح أسئلة جديدة عن الثورة ينبش المغيب من التاريخ ويبوحبالمسكوت عنه .
 لا أحد ينكر عظمة الثورة وانجازاتها ولكن لا ننس وجهها الآخر الذي كشف عن تناقضات ،تجاوزت وتصفيات جسدية  فرّقت بين رفقاء السلاح واستمرت حتى ما بعد الاستقلال بدعوى المحافظة على مكتسبات الثورة. غير أن هذه الصراعات  طفت على السطح، وبرزت معها اختلافات الأطياف والتوجهات ،وكان لزاما على الروائي أن يسجل هذه الهموم ،ويعبر عن ما يختلج في الذات الإنسانية من آمال والآلام  وطموحات" فالخطاب الروائي الجزائري المكتوب بالعربية وليد تحولات الواقع الجزائري زمن الاستقلال منه يستمد أسئلة متنه الحكائي و بسببه يبحث عن الأشكال  والأبنية الفنية القادرة في استيعاب إشكالياته المستجدة وصياغة المواقف الفكري  الأيديولوجية إزاءها" ، حيال ذلك وجد الروائي نفسه بين مطرقة الماضي المشرق و سندان الواقع المتحول فما كان هذا إلا أن يهرب إلى توظيف تيمة الحرب و الثورة نشوة بإنجازاتها ،أوقد يوظفها لتمرير خطابه الناقد للواقع المتناقض أو يذعن للخطاب الرسمي ذو التوجه الاشتراكي السائد آنذاك ، فكان يلتفت إلى  الماضي ليستحضر حرب التحرير يُسائلها طوراً ويتلذذ بذكراها أطوارا وهو في" ذلك يحن إلى الماضي المجيد يستأنس به و يوظفه لنقد الواقع و قد يقحمه فيأتي امتداداً للخطاب الرسمي الذي جعل من التراث الوطني شعاراً لتكريس الشرعية التاريخية و المحافظة على السلطة" ، فاتخذت الرواية من  تيمة الثورة و الحرب و المقاومة مرجعيات أساسية تؤثث  بها فضاء الرواية " سواء تعلق ذلك بسرد بطولاتها أو بانتقاد بعض التوجهات والمواقف " تشكلت الكتابة الروائية في السبعينات بين رواة يمجدون الثورة ويحيطونها بهالة من التقديس لدرجة العصمة، و آخرين يُسائلونها محاولين إبراز المغيب فيها والنبش عن المسكوت عنه . فروايات "المؤامرة لمحمد مصايف و البزاة لمرزاق بقطاش و هموم الزمن الفلاقي لمحمد مفلاح مثلا لا نجدها تتعدى الوصف والتغني بالأمجاد، بينما التفكك لرشيد بوجدرة أو اللاز لوطار أو ريح الجنوب لابن هدوقة من الكتابات التي لم تبق حدود التعاطف و الوصف بل تجاوزت ذلك إلى النقد".
 إن تتبع  اندساس تيمة الثورة أو مثولها في تلاوين المنجز الروائي يبن لنا أن المضمون السياسي والإيديولوجي أهم معيار تقاس به جودة النصوص الروائية من رداءتها ، الأمر الذي اسقط  الكثير من الأعمال الأدبية  "في شرك والتسطيح والتصريح والتقرير على حساب البعد الجمالي لتدثرها بجلباب الخطاب الرسمي  والقليل منهم كان على وعي بالحقل الفني و ما يقتضيه من تلميح" .                                        
لقد صدر جل الروائيين في السبعينات والثمانيات إنتاجهم الروائي متأثرين بالواقعية بمختلف اتجاهاتها لاتكائهم على الثورة وواقعها وقضاياه ،بوصفها مادة خام يستلهمون منها موضوعاتهم و يستقون منها معجمهم فاشتغلوا على كتاباتها "انطلاقا من تاريخ المتن الرسمي و هذا لا يعني أنها تاريخ جديد للثورة ، وإنما يحسب لروائيي هذه المرحلة محاولة إعادة الثورة تخيليا ،  لكن ما حدث هو أن هذا المتخيل لم ينجح في إسقاط مسوح المقدس عن التاريخ الرسمي ".
الرواية والواقع الاجتماعي:                                                       تمثل الأحداث السياسية والاجتماعية خلفية للكتابة الروائية خلال فترة السبعينات وما بعدها لذلك اختار الرواة معالجة هذه الحقائق والمعطيات بالأسلوب المتوفر لديهم ألا  وهو الأسلوب الواقعي. فمن رحم الضغوط السياسية  والتحولات الاجتماعية ولدت الرواية الواقعية في الجزائر بتنوع اتجاهاتها، كأداة تعكس التغيرات السياسية  والاجتماعية في المجتمع، بنظرة واقعية ومرآة عاكسة لقضايا المجتمع وحمولاته وهمومه وتناقضاته وتحولاته الطارئة بوصفها الفن الذي يستوعب كل المضامين الاجتماعية ،فروايات السبعينات و الثمانيات استمدت موضوعاتها من التاريخ  والمجتمع والسياسة لترصد الأحداث بتفاصيل واقعية ،وخلق عالم روائي يوفر نوعا من الهيكل المنطقي لحياة الأبطال فتوسلت إلى ذلك  بتقنيات وآليات تستجيب للمقاييس الكلاسيكية المحكومة بمنطق خارجي لها بداية و نهاية ،تقدم من منظور واحد وتخضع لخطية تصاعدية تتطور عبرها الأحداث وتتضافر في خدمة الحبكة ".
روايات التأسيس وما بعدها كانت أشد التصاقا بالواقع الاجتماعي، فاهتمت بنقد هذا الواقع وتصوير الصراعات السياسية وإفرازاتها على الفرد والمجتمع، بأسلوب واقعي دقيق التفاصيل يتسلل من خلاله القارئ إلى أحوال مجتمعه ويرى بعينه ويسمع بأذنه ويدرك بكل حواسه واقع الحياة والنفس والمجتمع ،واقترن هذا المضمون بالشكل التقليدي المؤطر بالزمن التسلسلي المنطقي الذي يسير متواطئا مع الحدث إلى آخر المطاف ،إلى جانب الراوي العارف أو الإله الخفي كما سماه فلوبير الذي يحرك الشخصيات كما شاء ويتحكم في مصائرها ويبسط سطوته المطلقة على الحدث كما لى السرد برؤية خلفية تتكئ على ضمير الغائب " فاستجابت استراتيجياتها للمعايير الجمالية المؤسسة للرواية الواقعية ذات القالب الروائي التقليدي تقوم على الحكاية و الزمن الواحد المسلسل و الراوي التقليدي العرف بكل شيء و التعليقات المباشرة و الوعظ و الخطابية و تدخل الم مؤلف بالتعليق على الأحداث و الشرح" ، فيعرف كل تضاريس الواقع و أحراشه ، ويعايش حرارة اليومي و معاناته من خلال الرواية التي اتخذت من الاتجاه الواقعي ،ميسما تنفث من خلاله مرارة الواقع بكل تفاصيله و تعرجاته ،أفراحه وأتراحه، وهو ما يسمح بالقول: بأنها بفضل هذا الاتجاه صاغت الرواية مجمل أسئلتها و عبرت عن مختلف همومها و شواغلها. بادر الرواة الجزائريون إلى تبني الاتجاه الواقعي بكل تنوعاته في الكتابة الروائية لتغطية منجزات الثورة الوطنية و الثورات الثلاث "الزراعية ، الصناعية والثقافية"  التي رسمت مشهد ما بعد الاستقلال . فلقد تأثر كل من عبد الحميد بن هدوقة و الطاهر وطار و مرزاق بقطاش و رشيد بوجدرة بالاتجاهات الواقعية في الرواية العالمية " .
فعبد الحميد بن هدوقة تبنى الواقعية الانتقادية  فجسدها في أعماله التي رصدت أحوال المجتمع الجزائري" من خلال وصف القرية و عادات أهلها كما رصدت هموم الفلاح الجزائري و مشاكله مع أرضه ". أما الطاهر وطار فقد كان حاملا لمشعل الواقعية الاشتراكية التي جسدها في أعماله الروائية و سعى جاهداً إلى بلورة مفاهيمه عن الواقعية أكثر ليتخطى  بها خطوة جبارة ورائدة في روايته اللاز" .هذا يسلمنا إلى القول بحسب تعبير عبد الله الركيبي أن الرواية الواقعية في الجزائر" لم تنجح إلا بعد جمعها بين الواقع الاجتماعي و بين التجربة الخاصة للأديب".
غير أنها لم تكن نقلا حرفيا أو فوتوغرافيا، أو مرآة صقيلة تعكس الواقع، وإنما امتازت بمسحة فنية  تأخذ من الواقع  وتعلو عليه أحياناً، عبر مرآة شديدة التعرج والتهشم فالواقع مادة خام يتكئ عليها الكاتب الروائي ويلونها بخياله ،مما يوحي باحتمال واقعية العمل الروائي" تقدم شبكة العلاقة الواقعية الاجتماعية إياها ،لكن ذلك لا يتم عبر مرآة مستوية بل عبر مرآة مقعرة أو محدبة أو عبر عدسة مصفاة أو عين أومرآة الخيال." وهكذا وصفت الرواية الواقعية التي مثلت المشهد الروائي الجزائري بالتقليدية، حتى عدّت الرواية التقليدية والاتجاه الواقعي عملة واحدة لوجهين "ومن ثمّ أصبحت الواقعية من أهم سماتها لقد بلغ هذا الارتباط من الوضوح و القوة بحيث أحالت إحداهما على الأخرى .
 إن علاقة الرواية بالواقع علاقة جدلية مصيرية تجعل من الرواية الواقعية أطروحة تحمل على عاتقها تسجيل تفاصيل الواقع و رصد ونقد أوضاعه السياسية و الاجتماعية والثقافية محملة نتيجة إيديولوجية ، فلا يستطيع  النقد عموما كما قال وليك" عن حق إلا أن يتعامل مع الواقع مهما ضيقنا من معناه ومهما أكدنا على قدرة الفنان الخلاّقة " .  وكملخص لخصائص الكتابة الروائية السبعينية و ما بعدها نشير إلى أهم هذه الملامح حضور التاريخ الجزائري الحديث كتيمة بارزة في النص الروائي .  الارتباط بالواقع المرجعي هو دائما المحور الأساس لهذه الكتابات التي تنطلق منه  وتعود باعتباره أساسا في كل النماذج المكتوبة لكن ضمن تصور إيديولوجي يشيد بالثورتين لارتباطهما معا كما كان يعتقد آنذاك.                                    *الارتباط بمختلف السياسات السياسية و التاريخية التي عرفتها الجزائر المستقلة. 
*إعطاء الأولوية لوظيفة الأدب من منظور ماركسي على حساب طبيعته .     
 *اعتماد الشروط الموضوعية في تحريك الأحداث الروائية واستيعاب الصدف   المفاجآت في سرد الأحداث، بين الواقعية كمنهج في الكتابة الروائية و طغيان الرؤية الاشتراكية التي يتبناها النظام السياسي بالجزائر .                                   
 * التشبث بالطريقة التقليدية في سرد الأحداث بما فيها من إمكانية العلاقة بين الزمان  والمكان، واستقلالية الشخصيات وتنامي الأحداث هرميا و حق تسلسل كرنولوجي له بداية ووسط ونهاية .
وبغض النظر عن الانتقادات الشديدة واللاذعة التي طالت الرواية في هذه المرحلة  فلقد كان الرعيل الأول من الروائيين " الجيل الذي أسس الأرضية الروائية كظاهرة وحس أدبي ،ثم ظهر بعده جيل آخر مرتبط به و يختلف جذريا عن المناخ الذي ظهر فيه الجيل السابق " ،فكيف أسس هذا الجيل الجديد للرواية الجزائرية في مرحلة التسعينات ؟وهل اقتفى آثار الآباء أم تمرد و أحدث القطيعة ؟ و ماهي خصائص الكتابة الروائية عند جيل التسعينات (الأدباء الشباب).
خصائص الكتابة في مرحلة التسعينات و ما بعدها :
 لازالت الرواية الجزائرية في بحث مستمر عن ملاحها  خصوصيتها عبر الزمن ،ذاك أن الرواية فن لا يطمئن إلى الثبات ،ولا يتكئ على قوانين أو قواعد قارة ،ولكنها دوما ترفع شعار التغيير مادام الواقع يتحول و يسري في إيقاع متسارع "إنها المرونة ذاتها فهي تقوم على البحث الدائم وعلى مراجعة أشكالها السابقة باستمرار ،ولابد لهذا النمط الأدبي من أن يكون كذلك لأنه إنما يمد جذوره في تلك الأرضية التي تتصل اتصالا مباشرا بمواقع ولادة الواقع."
1 ــ رواية الأزمة :
بعد انطواء عشرين سنة على تأسيس الرواية الجزائرية بلسان الأمة ،لازال الرواد المؤسسون يصنعون المشهد الروائي جنبا إل جنب مع الأدباء الشباب الذين عايشوا واقعا مغايرا لهؤلاء المؤسسين ،فالجزائر في هذه المرحلة ما كادت تضمد جراح الماضي في صراعها مع الآخر الواضح الهوية ،دخلت مرة ثانية في صراع أشد وقعا وألما وفظاعة في صراع داخل الذات ،ولم تعد هذه الذات واضحة تشابكت معالم الصراع وانطمست هوية من نحارب، فأصبح الأنا يقتل ذاته،ذات وذات تمزق هويتها.                          
 أُطلقت على هذه الفترة من تاريخ الجزائر مسميات عدة اشتقت من معجم الأزمة فاصطلح عليها :العشرية السوداء، المحنة، سنين الجمر، عشرية الدم، فترة الفتنة العشرية الحمراء واضطلعت الرواية بمهمة التأريخ لهذا الواقع المأسوي والسوداوي الذي تجرّع  آلامه شعب بأسره ،فرسمت ملامح الأزمة التي هدمت كل الروابط والبنى الاجتماعية بالتفسخ والانهيار فلم يسلم منها شيء فبواسطتها "يمكن رصد وضع الأمة وتجسيد أزماتها العامة من خلال شخصياتها الروائية الفردية." ، ومن رحم المعاناة ولد أدب أشد التصاقا بالواقع المرير والهمجي المتأزم يحمل سمات الفترة فهذه "المعالم الدامية تشكلت في ذاكرة الشعراء و الفنانين فأبدعوا أدبا سمي بمسميات عديدة تعكس مفهومه مثل أدب الأزمة وأدب المحنة والأدب الاستعجالي وغيرها من الأسماء العاكسة للوضع المتأزم. "، هذه العشرية السوداء أدخلت الجزائر في متاهات الأسئلة المعقدة والأجوبة المتماهية في أسئلة أخرى لا تنتهي ألقت بظلالها على الرواية ،فشكلت المادة الخام التي انطلق منها الروائي  ليعبر عن الواقع المأزوم "فمهما أبعد النص عن سياقاته أو حاولوا حصره في بنيته الداخلية المغلقة، ومهما حاولت النظريات و الآراء فإن ذلك لا ينفي أبداً وجود علاقة شرطية بين العمل و بيئته التي نشأ فيها ،وتشبه هذه العلاقة إلى حد كبير العلاقة الموجودة بين الجسد و الروح." ، وما نلحظه أن الاتجاه الواقعي الذي يرصد الواقع الجزائري بكل حمولاته وتعرجاته  واضطراباته لازال يساير الرواية الجزائرية في هذه الفترة و بهذا عاد الخطاب السياسي إلى الواجهة و استمر يمارس تأثيره فتركت مظاهر العنف بصماتها في سائر الإنتاجات." لأن واقع الإنسان لا ينتهي وهو الإناء الذي يغترف منه الروائي شاء أم أبى ، إنه جزء من قلقه و أفراحه و أتراحه وشكوكه وخيباته ،غير أن آليات استثمار الواقع تطورت مناهجها وتحقق ذلك من خلال ادماج الواقع المعيش بالمتخيل والأصوات المتعددة.
 إن هذه الأزمة التي ألقت بظلالها على الرواية الجزائرية في هذا أشعل فتيلها بأحداث 05 أكتوبر1988 م التي قلبت الموازين رأس على عقب وشهدت الجزائر " منذ ذلك الزمن خلخلة شديدة للقوالب الموروثة عن الحقبة الاشتراكية فوقع التحول من نظام الحزب لواحد إلى التعددية الحزبي و من الإعلام الأحادي إلى تعدد المنابر الإعلامية من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق."                                           مأساة الجزائر كانت بؤرة الكتابة السردية التي يمد منها الخطاب الروائي أسئلة متنه الحكائي "فالثورة التحريرية مرحلة أولى في الرواية وثانيها الثورة بمعطى اجتماعي سياسي، ويمكن اعتبار أحداث أكتوبر مرحلة ثورة أدبية ثالثة في مسار الحركة الأدبية الجزائرية ،أو كما قيل يجب النظر إلى إسقاطات أكتوبر 1988م كمرحلة ثالثة في تاريخ الأدب الجزائري عملت على تعميق الإشكالية الأدبية عموما"، و في هذا الصدد يرى عز الدين مهيوبي:" أن الكتابات الأدبية التي ظهرت في التسعينات قد ميزتها مواصفات منها استخدم لغة تحمل الكثير  من التشاؤم والسوداوية  والاغراق في الغموض والمجهول إضافة إلى رؤى تعكس الخوف من المستقبل  والرفض للموت المجاني و الشعور بالانتحار المبرمج فإنها مليئة بالفجيعة ،ورافضة للسياسة وتسعى للكشف عن مؤامرة غير واضحة ،فضلا عن تشبعها بالأسئلة التي تبقى معلقة إلى حين لأن المبدع لا يقتنع بأجوبة السياسي و إنما بممارسات الإنسان." .
اتخذت الرواية التسعينية من محنة الجزائر منبعا تمتح منه مادتها وتخصب به عوالمها الفنية و الجمالية، وتبني فضاءها من دراما الواقع وسديميته وتنسج منه مضامين توائم هذه الفترة بتناقضاتها وتأزّماتها، فاستعارت من مشاهد والقتل والعشق والارهاب  والاغتيال سيماتها، فأنتجت نصوصا روائية سجلت الراهن مشكلة ما اصطلح عليه برواية  الأزمة أو المحنة أو العشرية السوداء و غيرها من المصطلحات التي تحاين الفترة .
 وحيال هذا الواقع  السديمي الذي زلزل وطنا بأسره  سلك الكتاب اتجاهين مختلفين في رسم الواقع أو نقل أحداثه المأسوية في محاولة لفهما أو تفسيرها فوجدنا كتابا: نقلوا  أحداث الواقع  بتسجيلية وحرفية بعدسات أقلامهم" واكتفوا بالتمعش من مخلفات الأزمة فاشتغلوا بنقل جرائم الإرهاب سديمية الواقع و غفلوا عن الجانب الفني للعمل الروائي و انصهرت رواياتهم في الأزمة و اتكأت على النسخ الآلي، الأمر الذي أبرز محدوديتها و انغلاقها " .فجاءت أعمالهم ارتجالية مهترئة متهالكة في نسيجها اللغوي أسلوبها أقرب إلى التقارير الصحفية منها إلى  الرواية الأدبية ، نستشف من ذلك أن هذه الكتابات تزعمها الصحفيون و المشتغلون بالحقل الإعلام ، إذ شجعهم تدفق المادة الأولية على استثمارها في الأعمال الروائية، بغض النظر عن قيمتها الفنية والجمالية فوسمت أعمالهم بالاستعجالية وختم عليها النقاد بشمع "الرواية الاستعالجية " ،وفي نفس الظروف الاستثنائية، الطارئة والقلقة تمكنت فئة من الكتاب من النفوذ إلى روح الأحداث وعمق الأزمة ، وتصوير المحنة الوطنية بوعي فني عميق ، بعيد عن المعالجة السطحية  والارتجالية السمجة" رافضة القبوع أوالإقامة الجبرية داخل فضاء المحنة ، وحملت على عاتقها لواء الكتابة الفنية التي لا تخضع لسطوة المرحلة و إنما تستعير منها ما تشيد به عوالمها الفنية من غير ذوبان أو انصهار في الأزمة وافرزاتها "
و رغم هذه  العصي التي انهالت  على الروايات الاستعجالية  تقرعها إلا أن كلمة إنصاف تقال ، بأن الكتابة في هذه الظروف القلقة و المضطربة مجازفة ومغامرة لم تثن من إرادة هؤلاء ، تجاوزوا الخطر المحدق بهم ، كتبوا من قلب الفجيعة و الأزمة أرخوا بطريقتهم الخاصة لحقبة عاصفة من تاريخنا ، كانت شاهدة على وقائع وأحداث تاريخية دموية وفظيعة نقل فيها الرواة ما عاينوه وعايشوه من الممارسات العنيفة  والمرعبة التي يعجز اللسان عن وصفها. ولعنا نجد في كتابات الطاهر وطار ، واسيني الأعرج ، أمين الزاوي ، الحبيب السائح بالإضافة إلى الأدباء الشباب أمثال بشير مفتي ، عز الدين جلاوجي ، عمارة لخوص  زهرة الديك  ياسمينة صالح ، أحميدة العياشي ، شهرزاد داغر ، فاطمة عقون ، فضيلة فاروق ، مراد بوكرزارة ، كمال بركاني ،حمد زروالة ، سفيان زدادقة ،الخير شوار. ما يشفى الغليل لالتزامهم باحتضان قضايا الوطن ومحنه وهزاته في إنتاجاتهم الأدبية بأسلوب فني متجدد وفق معادلات جمالية" تنزع إلى المغامرة والتجريب على صعيد البناء الفني تجاوز للأنماط التقليدية في الكتابة و خلخلة النمط السردي السائد و ما ينئ عليه من أنساق مألوفة ."
فالرواية التجريبية احتضنت أفكارهم وباحت  بمكنوناتهم ،واستوعبت كل الأسئلة التي تخالج نفوسهم ، بخرقها نواميس الكتابة التقليدية ، تخلصت من مضايقة المرحلة السابقة التي وحدت المضامين ، كسرت جدار الصمت الرهيب،جرأة في الطرح وصلت إلى ارتياد المناطق المحرمة و الممنوعة و كسر الثالوث المحرم" الدين ،الجنس ،السياسة" "فسنة 1988م  بشرت بميلاد الرواية الجديدة على يد الأدباء الشباب "


ــ المرجع نفسه :ص 88.

هناك تعليق واحد:

  1. https://www.youtube.com/user/oyahiyaza3imalka3ida
    زعيم القاعدة بالمغرب هو البيه احمد اويحي

    https://www.youtube.com/user/boutaflika1pd
    بحضور واشهاد والي قسنطينة...http://difaf.forumactif.org/t6023-topic
    حتى ترامب ويتفرج http://difaf.forumactif.org/t6057-topic

    ردحذف