الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

جريدة المسار العربي تكتب: الصحة الجلفاوية بين الحقيقة المرة والتعاطي السلبي في معالجة الواقع

واقع الصحة بولاية الجلفة
جريدة المسار العربي
لايزال واقع الصحة العمومية بولاية الجلفة الذي ينشده المواطن ويتطلع إليه بعيدا عن الآمال والأحلام في ظل النقص الفادح إن لم نقل "الفضيع" في العديد من الإمكانيات المادية والبشرية على حد سواء ، على الرغم من التحسن النسبي بالمقارنة مع السنوات الماضية سواء من حيث الهياكل المنجزة أو تلك التي هي قيد الإنجاز أو حتى من حيث تعداد الطاقم البشري المشرف على الصحة ككل بالولاية .
  " المسارالعربي " حاولت معرفة حال الصحة بالجلفة وواقعها الذي طالما اشتكى منه الكثيرين ومعرفة مدى التحسن الذي مافتىء يتغنى به الكثير من منتسبي القطاع الذي يبقى غارقا في الكثير من النقائص والسلبيات  برغم كل محاولات  تغطية العجز بتبريرات تبقى "أوهن" من خيوط العنكبوت.
"أرقام منجزة" رغم النقائص والعجز في التكفل بالمرضى .........
البداية بالأرقام المستقاة من مديرية الصحة والسكان  والتي تشير إلى نسب التغطية الصحية بالولاية والتي مافتئت تعرف تطورا ملحوظا حيث تتوفر ولاية الجلفة على  04 مؤسسات عمومية إستشفائية و 05 مؤسسات للصحة الجوارية و 35 عيادة متعددة الخدمات إضافة إلى 85 قاعة علاج هذا من جانب الهياكل ، أما الجانب البشري فقد تدعم القطاع الصحي بالولاية بـ 62 طبيبا عاما ليصبح بذلك العدد الإجمالي 232 طبيبا عاما إلى جانب 75 طبيبا مختصا حيث أصبح معدل طبيب أخصائي واحد لما يقارب الـ 13 ألف مواطن في حين كان المعدل السابق أخصائي لكل 44 ألف مواطن وهو تطور ملحوظ  في توظيف واستقطاب الأطباء الأخصائيين أحصت جهات رسمية زيادتهم بنسبة 400 بالمائة ،  في حين تتوفر الولاية على 61 طبيب أسنان و أكثر من 14 ألف ممرض و130 قابلة .
هذا واستفادت الجلفة من وحدة على مستوى المؤسسة العمومية الإستشفائية بعاصمة الولاية  للتكفل بمرضى السرطان كان يمكن أن يكون مركزا لولا "نوم" وتجاهل مسئولي القطاع لحقيقة المرض بالولاية . 
كما يوجد بالجلفة مستشفى الصداقة الكوبي الجزائري لطب العيون والذي تم تدشينه يوم 19 أفريل من السنة الماضية حيث يعد من أهم المستشفيات على المستوى الوطني في هذا التخصص . 
انتشار مذهل للأمراض ....في ظل الإهمال وسوء التسيير.....
لعل المتتبع لواقع الصحة بالولاية وما تعانيه من نقائص يجزم بما لايدع مجالا للشك أن التسيير السيىء ولعبة "حرب المصالح" واللامبالاة وموت "الضمير" لدى الكثيرين كان سببا مباشرا في "مرض" قطاع الصحة بالولاية الذي يبحث عن من يأخذ به إلى بر الأمان، لعله لن يكون قريبا.....
البداية بفضيحة هلاك الـ 13 رضيعا منذ مايقارب الخمس سنوات والتي شغلت الرأي العام حيث تبقى "وصمة" في جبين القطاع بالولاية من خلال سوء التسيير والإهمال إلى "نشر الغسيل" وحرب البيانات وتبادل التهم والكيل بمكيالين على حساب صحة المواطن الذي يبقى وحده الضحية وما تعيشه المؤسسة العمومية الإستشفائية بعين وسارة هذه الأيام لخير دليل على ذلك من خلال القبضة الحديدة بين المدير والفرع النقابي من أجل التموقع والظفر بمكتسبات آنية لن تحيد على أن تكون "شخصية"  بدرجة أو أكثر  ، دائما بعين وسارة وما عاشته صيف العام الماضي الذي كان ساخنا على الجميع من خلال إعلان حالة الطوارىء
التامة  بسبب المرض الذي أصاب العشرات من أبناء مدينة سيدي لعجال المجاورة ليتجاوزعدد المصابين الـ 150 حالة  ، أين دخل الأطباء ومن ورائهم مديرية الصحة في رحلة بحث شاقة لاكتشاف المرض وتشخيصه وبعد جهد مضني شغل أمره الرأي المحلي والوطني تم تصنيفه هذا الداء في خانة مرض "حمى التفوييد " وكفى .
 وإلى جانب التفؤييد الذي سجل كذلك بمدينة الجلفة عاصمة الولاية والذي استعصى أمره على جميع  المصالح المعنية من بلدية ووحدة التطهير و الجيش البشري لقطاع الصحة بالولاية نسجل مرض الحمى المالطية الذي يبقى من بين  الأمراض المنتشرة بشكل لافت  ويكون حاضرا بشكل دوري ومستمر من كل سنة ، حيث تشير إحصائيات رسمية إلى تسجيل أكثر من 1800 إصابة مؤكدة خلال السنة الماضية فقط  ، هذا على غرار مرض اللشمانيا الجلدية الذي تم تسجيل خلال نفس الفترة 187 حالة مؤكدة على مستوى الولاية هذا دون الخوض في حقيقة الأرقام المقدمة والتي تبقى غير واقعية في بعض الأحيان بالنظر إلى الإصابات الكثيرة والتي يدحضها الكثير من المهتمين والفاعلين في ميدان الصحة والإحصاء من مواطنين وجمعيات فاعلة وحتى من المنتسبين لقطاع الصحة نفسه.
..................................................................................
أما الحديث عن الإهمال واللامبالاة والمعاملة الخشنة بين بعض منتسبي هذا القطاع الحساس والإنساني أو من يدعون "بملائكة الرحمة في الأرض" فحدث ولا حرج وما حالات الوفيات العديدة خاصة في مصلحة توليد النساء إلا تعبيرا صادقا على هذا الخلل الذي ينخر في جسم الصحة المعتلة حيث نسجل العديد من الشكاوى في هذا الشأن خاصة بذات المصلحة بالمؤسسة العمومية الإستشفائية بحاسي بحبح والتي أبدى لنا بعض المواطنين مدى إستيائهم الشديد من سوء معاملة بعض القابلات وكذا غياب الرعاية بالمرأة الحامل قبل وبعد الولادة حيث نسجل مؤخرا حادثة وفاة حامل بعد وضعها لمولودها في ظروف تبقى غامضة وهو ما أكده للمسارالعربي زوج المتوفاة ، وما حدث مؤخرا كذلك بالقطاع الصحي ببلدية حد الصحاري عندما عجز القائمون عليه  على التكفل  بامرأة أصيبت بلسعة عقرب فارقت الحياة على إثر ذلك ، وما شهده الفرع الصحي كذلك ببلدية المجبارة 23 كم عندما توفيت فتاة تبلغ من العمر 16 سنة إثر أزمة ربو لم يتم التكفل بها بالشكل اللازم اندلعت على إثرها موجة غضب عارمة في أوساط سكان البلدية.....والأمثلة الحية كثيرة ومتزاحمة يصعب حصرها أو إيجازها في هذا المقام...
أما الخوض في حقيقة الاستعجالات بالمستشفيات فحديثه ذو شجون إذ تبقى الاستعجالات الطبية كما وصفها الوزير السابق "عمارتو" نقطة سوداء في قطاع الصحة  بداية من الإهمال في التكفل بالحالات  المستعجلة في بعض الأحيان إلى نقص الإمكانيات المختلفة حتى تلك البسيطة التي تصنف في خانة "المفروغ منه"  كالإبر والضمادات وغيرها والتي يجبر في العديد من الحالات المواطن البسيط على ضرورة التكفل بها واقتناءها على حسابه الخاص من عند الخواص حتى يتم علاج مريضه وهي حالات كثيرة  لا يمكن نكرانها بأي حال من الأحوال .. 
السرطان بين الواقع المر والأرقام المتضاربة ...
لايمكن الحديث عن الصحة بالجلفة دون التطرق إلى الآفة التي بدأت تنخر أجساد أبناء الجلفة في صمت ألا وهو "مرض السرطان" حيث تشير الإحصائيات الرسمية "المتضاربة" المعلنة عنها من طرف مدير الصحة والسكان بالولاية الدكتور "خالد شيبان" أن هناك 205 حالة مؤكدة تتابع العلاج بمركز مكافحة السرطان بالبليدة وهي الإحصائية المستقاة من نظيره بولاية البليدة في حين قدم ذات المدير في وقت سابق إحصائية أخرى تخالف الأولى مصدرها هذه المرة صندوق الضمان الاجتماعي وكذا بعض الجمعيات الفاعلة في مجال
مساعدة مرضى السرطان والتي تشير إلى ما يقارب 245 حالة وهو تناقض واضح في "عملة" الأرقام التي تبقى مهمة مديرية الصحة في إثبات حقيقتها ، أما بالمقابل وعكس ما ذهب إليه القائمون على القطاع الذين
يحاولون إبعاد حملة تهويل وتضخيم الأرقام فإن العدد المتداول في أوساط أغلب العارفين بهذا الملف "المسكوت عنه رسميا" من أطباء عملوا بمركز البليدة وكذا مرضى عالجوا بذات المركز يتجاوز الـ 1200 حالة مؤكدة ، دون الحديث عن وجود حالات أخرى تعالج بمراكز أخرى وكذا بعض الحالات التي تبقى تصارع المرض في صمت في غياب أي تكفل حقيقي بهم بسب قلة ذات اليد والظروف المعيشية الصعبة .
هذا دون الخوض في أسباب وتداعيات هذا المرض الآفة التي تضاربت وتنوعت دون الجزم بها حقيقة .....فمن اتهام المفاعل النووي بالبيرين إلى المفرغة العمومية وكذا مصنع الجلود بالجلفة إلى مادة "الأميونت" التي تبقى تشكل خطرا حقيقيا على الصحة إلى التدخين وعوامل أخرى ...كلها اجتمعت للتنتج لنا شريحة أخرى أكثر خطورة وتضررا من الشرائح التي مافتئت تعاني في صمت أكبر من أن تختزل في وقت معين ...     
ليبقى العمل الواجب تداركه هو كيفية مساعدة هؤلاء المرضى والتكفل بهم بصورة ملائمة والتخفيف من آلامهم التي يتجرعونها في ظل عدم وجود مركز بالجلفة والذي "طار" في لحظة لهو إلى ولاية الأغواط المجاورة ، وهو ما عبر عنه بعض النواب في البرلمان الممثلين لولاية الجلفة على غرار النائب "محمودي" و النائب "بلعباس" في لقاءاتهم مع وزير الصحة السابق في العديد من المناسبات .
أين الخلل......؟..
سؤال طالما بقي لغزا مستعصيا عن الإجابة لا يمكن فك "شيفراته" الصعبة بين معادلات مجهولة دون اللجوء إلى مسؤولي القطاع وأصحاب الحل والعقد في لعبة تظل تحكمها جوانب سياسية متعددة أكبر من تلك التي نراها عيانا....
بقراءة بسيطة وقد تكون سطحية في تناول مقارنة سريعة بين واقع الصحة بولاية الجلفة من حيث الإمكانيات خاصة في جانبها البشري والجارة الأغواط حتى يتبين بوضوح حقيقة الواقع المر للقطاع بالجلفة ، والبداية بالأطباء الأخصائيين حيث يوجد 75 طبيبا أخصائيا بولاية الجلفة والتي تعد الرابعة وطنيا من حيث تعداد السكان والبالغ عددهم 1164870 نسمة حسب الإحصاء الأخير –أفريل 2008- في حين نجد أن ولاية الأغواط بها 144 طبيبا أخصائيا والتي يبلغ بها التعداد السكاني حسب الإحصاء الأخير دائما 466082 نسمة والحكم بسيط في الأمر لا يحتاج إلى طول تفكير ، دائما بالأغواط والتي استفادت مؤخرا من مركز خاص لمكافحة السرطان على الرغم من أن عدد الإصابات بهذا المرض بها لا يتجاوز 547 حالة في حين تشير إحصائيات ولاية الجلفة حول هذا المرض "المتستر عن حقيقة واقعه" إلى أكثر من 1200 حالة مؤكدة ومع ذلك استفادت الجلفة من وحدة للكشف عن السرطان فقط  ليبقى أبناء الجلفة بين خيار التنقل إلى مركز البليدة أو المركز الجديد بالأغواط  للعلاج ..وتستمر المعاناة ...دائما في صمت وأمام أعين المسئولين ......
من جهة أخرى تبقى الجلفة عاصمة السهوب تفتقر إلى طبيب شرعي يجبر من خلال ذلك أبناء الجلفة إلى التنقل في رحلة كلها تعب ومشقة إلى ولاية الأغواط الأقرب وإن لم يتحقق المراد فالبليدة والجزائر العاصمة وجهة أخرى ليست بأقل حال من الأولى ..........ليبقى التساؤل مطروحا بشدة وإلحاح دائما وأبدا .....أين الخلل....؟. 
 المسار العربي /صالح محمد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق