هل بات الضحايا "مجرد أرقام" تُدوّن في محاضر المسؤولين..؟
باتت
ولاية الجلفة عاصمة السهوب هاته الأيام تتصدر أخبار الموت و حوادث المرور
التي ما فتئت تحصد المزيد من أرواح الضحايا الأبرياء دون أن تحرك السلطات
المعنية بالأمر ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها بالمطلق، ورغم تعدد أسباب هاته
الظاهرة الخطيرة التي أدمت قلوب الكثير من الأمهات والآباء بسبب فقدهم
لفلذات أكبادهم والتي يتم حصرها في الغالب الأعم في العنصر البشري، لكن هذا
لا ينسينا أبدا أن شبكة طرقاتنا لها النصيب الأوفر في المساهمة في مثل
هاته الحوادث الدامية، شبكة
طرق لا تحمل إلا الاسم ولا تصلح لأن تسير عليها
الدواب في كثير من الأحيان، في ظل تقاذف المسؤولية بين عدة أطراف دون
نتيجة تذكر أو واقع ملموس لم يجن منها المواطن إلا الألم و الحزن ومزيدا من
أعداد الضحايا هي في عرف الكثير من مسؤولينا مجرد أرقام تضاف إلى سابقتها
تُدوّن في محاضر تشهد على من تقبع في أدراج مكاتبهم على جسامة مشاركتهم في
هاته المجازر التي لن يغفر لهم ضحاياها يوما أنهم كانوا تحت وصياتهم. أربعة
قتلى شباب في عز الزهور هي حصيلة حادث مرور منطقة "الخشم" بعين وسارة ذات مساء من شهر رمضان، 8 ضحايا و 6 جرحى بين الحياة والموت حصيلة أخرى ببلدية البيرين
و القائمة أكبر من أن تحصى والتي لن تكون الأخيرة في قاموس الحوادث التي
لم ترحم أحدا بفعل جنون "البقر" الذي أصاب الكثير من المتهورين وبسبب
"مجون" من سلطوا على رقابنا وهكذا تعودنا ....
لا
ينكر أحد أن المسؤولية فيما يحدث على مستوى طرقاتنا اليوم هي مسؤولية
مشتركة ولكن الذي يتحمل المسؤولية كاملة فيما آل إليه الوضع الحالي تلقى
بالدرجة الأولى فيما أعتقد على أربعة أطراف لو قامت بدورها المنوط بها على
أكمل وجه لكان الوضع مختلفا تماما ولتم الحد من ظاهرة إرهاب الطرقات بصورة
كبيرة عكس ما هو حاصل بيننا من مأساة. إلى جانب مديرية الأشغال العمومية
ومدى ضبابية الأرقام المقدمة في التكفل بشبكة الطرقات التي لا تزال الكثير
منها تنتظر تكفلا حقيقيا على غرار الشروع في إنجاز الطريق المزدوج في شطره
الرابط بين حاسي بحبح وعين وسارة والذي أضحى طريقا لـ "الموت" في ظل حديث
مستهلك من عدة مسؤولين "يزعم" بل "يجزم" كل واحد منهم بقرب الشروع فيه
بدءا بوزير الأشغال العمومية صاحب "التاج" "عمار الغول" الذي قال منذ أكثر
من سنتين وفي حصة تلفزية مباشرة بأن إنجاز طريق مزدوج بين بوغزول وحاسي
بحبح سيكون خلال شهرين قادمين ومرت المدة بل تجاوزتها بأكثر من عامين دون
ان يرى المشروع النور ليصبح الحديث مجرد كلام عابر للاستهلاك الإعلامي فقط
من رجل يفترض فيه أنه "لا يكذب" قيل عنه أنه "رجل دولة" ومع بوتفليقة "قلب
ورب"، وفيما لاتزال إعادة هيكلة الغلاف المالي المرصود لهذا الشطر تراوح
مكانها بوزارة المالية على حد قول مسؤولينا بالجلفة تبقى أرواح الأبرياء
على محك موافقة "بيت مال" الجزائر...
أما
مديرية النقل ومن ورائها وزارتها فضحايا الكثير من "مجازر الطرقات" في
رقاب مسؤوليها بفعل السياسة المتبعة من قبلهم وهم الذين اشاعوا "فاحشة"
بيع رخص السياقة لكل من هب ودب وفي ظرف قياسي المهم أن "تدفع" ، في غياب
تام لفرق التفتيش والفحص التي لاهم لها إلا "القبض" في ظل تواطئ بيّن وعلني
مع "بارونات" النقل الجماعي التي باتت تتاجر بالركاب بلا رقيب او حسيب
والقائمة طويلة في هذا الشأن... أما أصحاب القبعة من رجال الدرك والشرطة
فليسوا ببعيدين عن حمل هم ومسؤولية هاته الظاهرة، فبين غياب الردع والتستر
عن الكثير من المخالفات وما عمليات سحب الرخص ومن ثم إرجاعها لأصحابها
بطريقة أو بأخرى خير شاهد على ذلك، ضف إليها التساهل التام مع أصحاب النقل
الجماعي المتاجرين بالشعب البسيط الذين يشهد على سرعتهم "الجنونية" الطريق
الوطني رقم 1 من عين وسارة إلى جنوب الجلفة والتي يدرك حقيقتها الجميع ،
وهنا يتساءل الكثيرين كم سيارة نقل جماعي تم حجزها أو معاقبة صاحبها بهذا
الخصوص، صراحة أشك في ذلك و أتحدى إن وجدت حالة واحدة؟.......
من
خلال هاته المصائب "المرورية" ومجازر السياقة ندرك أن الكل مسؤول عن ما آل
إليه الوضع في غياب تفعيل آليات من شأنها الحد من الظاهرة كالعمل بالعداد
الخاص بتحديد سرعة سيارات النقل الجماعي والشاحنات كما هو معمول به في
أوروبا والتي سيكون لها فائدة كبيرة مع تشديد الرقابة وعدم التساهل مع
السائقين المتهورين ونشر الوعي بين الركاب في لعب دورهم بالمطالبة بتخفيف
السرعة من كل سائق يتجاوز ماهو مسموح به قانونا وخلق ثقافة المواطن الصالح
في محيطه ومجتمعه.
في
الأخير، يا من سلّطكم الله على رقابنا أما آن لكم أن تستفيقوا، فارحموا
قلوبنا وقلوب أمهاتنا وآبائنا فقد ماتت كمدا وحزنا قبل أن تصل إلى
قبورها..واعلموا أنكم ستسألون عنها يوم القيامة " وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم
مَّسْئُولُونَ"..." فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" ...؟؟؟
عدد القراءات : 648 | عدد قراءات اليوم : 421
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق