الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

رائحة "الموت الأزرق" بين "الفضاء الأزرق" و الانحلال المجتمعي ... بقلم: محمد صالح


https://www.djelfa.info/ar/contributions/11178.html
رائحة "الموت الأزرق" بين "الفضاء الأزرق" و الانحلال المجتمعي ...
وفجأة ظهر الموت الأزرق بدون سابق إنذار ليتحول إلى قضية رأي عام مثل كل القضايا السابقة التي تطفو إلى السطح تارة ثم "يخفو" صوتها مرة أخرى، وكأن المجتمع يعيش على وقع الصدمة ويبني أسسه على "سطوة" الفعل وردة الفعل وفقط، ينتظر المآسي و المزالق ليصحو لحظة ثم يعاود سباته دون أن يصل إلى نتيجة واضحة المعالم، فأين الخلل يا ترى؟ وما الذي جرى حتى يُصبح المجتمع الجزائري هشا لهاته الدرجة؟ تحكمه الإشاعة تارة والغموض تارة أخرى ؟ كالسائر في الظلمة لا يعرف إلى أين يتجه؟ دون البحث عن مسببات ودوافع هاته وتلك؟.
أ.محمد صالح
الحوت الأزرق أو سمّه "الموت الأزرق" يخترق على المجتمع صمته و"سِتره" هاته الأيام، حتى أصبحت كل شرائح المجتمع من شيوخ ونساء ورجال وحتى أطفال صغار "تلهج" به صباح مساء وما تطالعنا به وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها وتنوعها وحتى "فيسبوكيا" أشد وأنكى، فكان الحوت بمثابة "المشجب" الذي تُعلّق عليه خطايانا التي غفلنا عنها.
إن دخول "الموت الأزرق" إلى بيوتنا التي ظنها الجميع "آمنة" ليس وليد اليوم فقط، وإنما هو نتاج تراكمات مجتمعية بسبب تخلينا عن قيم أصيلة وسلوكات حضارية نابعة من ديننا الحنيف فكنا بذلك عُرضة للدمار النفسي والوجداني.
فتخلي الأسرة بالدرجة الأولى ومن ورائها المجتمع عن ممارسة دورها في تقوية شخصية الطفل وإتهام المدرسة بالتقصير و مساعي "تغييب المنظومة التربوية" والبحث له عن "السعادة المغشوشة" في ثنايا المادية حطم الأمة بأكملها وجعل الجميع يعيش "مأزق" الانحلال و"الانتحار" بمختلف مصطلحاته.
فانتشار سلوكات الآباء غير السوية التي أضحت سلوكات "متوحشة" بحثا عن إشباع رغبات النفس المادية من ربا و أكل للسحت و مساومات على الشرف و غش بمختلف أنواعه جعل من الأبناء فريسة سهلة لكل أنواع التصرفات المشينة، ممّا ولد تفككا أسريا رهيبا وصل الأمر إلى جعل البيت الذي ظل مقدّسا مجرّد "فندق" للأكل والنوم.
فالبحث عن الماديات والسعي إليها بكل السبل و"الضغط" على الأبناء لتحقيق نتائج دراسية ولو بالغش لنيل الرضا "الخادع" و تحصيل "الشهادات الكرتونية" و غياب الوعي و أسلوب الحوار والنقاش الجاد داخل الأسرة كفيل بانهيار الأسرة وضياع أجيال لا تعرف معنى للأخلاق والقيم.
إن متابعة الأبناء في كل تصرفاتهم بطريقة حضارية وخلق جسور الشعور بالمحبة ومصاحبتهم داخل البيت وخارجه وغرس قيم القناعة وحب الأخرين والبحث عن السعادة التي لا تكمن في المال وحده، وتهذيب النفوس بالمعاملة الحسنة والأخلاق الفاضلة واستشعار مراقبة الله في كل شيء وتقوية ضميره كفيل بأن ينتج لنا جيلا قويا يكون ضميرا حيا للأمة، وما عداها فالموت الأزرق وحده من يحمله ويلفه كفريسة جاهزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق