الأربعاء، 5 يناير 2022

الإمام "عطية الأبيض" مفتي حاسي بحبح ... مسيرة عطرة في الدعوة والإصلاح

image

 تولّى جهود الإصلاح وفك الخصومات في المجتمع

الإمام "عطية الأبيض" مفتي حاسي بحبح ... مسيرة عطرة في الدعوة والإصلاح

هو أحد أعلام مدينة حاسي بحبح وولاية الجلفة، ذاع صيته بين الجميع فكان مقصد الكثير من محبي الخير وطالبي النصح والإرشاد، اشتهر بالإفتاء وفك الخلافات وإصلاح ذات البين، نشأ في بيت علم فكانت حياته عامرة بالطاعة والإيمان، لم يدّخر جهدا في العمل الدعوي والخيري فصار مثلا يحتذى به، ومرجعا مهما للفتوى إنه الشيخ الإمام الفاضل "عطية الأبيض" مفتي دائرة حاسي بحبح الذي سد مكانة الإمام سي العيد البشير الذي رزئت بفقده مدينة حاسي بحبح عام 2002. 

"الجلفة انفو" زارت الشيخ في بيته المتواضع بحي بوعافية بحاسي بحبح للتعرف على جوانب شخصيته ونفض الغبار عن حياته الدعوية والمهنية، فكان اللقاء ماتعا ومستفيضا.     

المولد والنشأة:

هو أبو لخضر عطية الأبيض بن البشير ولد عام 1945 الموافق لـ(1366هـ) بحاسي بحبح، نشأ في بيئة متدينة، فوالده كان محبا للصالحين وطلبة العلم والمشايخ، فسماه باسم شيخ ومؤسس زاوية الجلالية عطية بيض القول، ترعرع بين سبعة إخوة، أخذته خالة أمه فقامت بتربيته أحسن تربية، فكان أن تعلم من زوج خالته وحفظ بعض سور القرآن الكريم، حيث كانت طفولته بين قراءة القرآن وحفظه بنقل ما يستطيع من آيات وسور في لوح على عادة الأولين، وبين ممارسة الفلاحة ورعي الغنم مع أبيه وإخوته إلى غاية 1963 سنة التحاقه بزاوية الشيخ سي لخضر.

التحاقه بالزاوية وبداية مشوار طلب للعلم

كان عام 1963 فاتحة خير على شيخنا الإمام عطية الأبيض بانتقاله إلى زاوية الشيخ سي لخضر بيض القول جنوب مدينة حاسي بحبح بحوالي 20 كلم والواقعة بالقرب من شاطئ السبخة المعروف، انتقل إليها وعمره أنذاك 17 عاما، ففتح الله عليه بحفظ القرآن الكريم كاملا خلال مدة ستة سنوات على يد خريج الزاوية ومعلمها الشيخ أحمد نواري، كما أخذ علم التوحيد والنحو والفقه والميراث عن شيخه مؤسس الزاوية الشيخ لخضر بن سي بن سعد، وهي الفنون والمواد التي كانت الزاوية تقدمها لكافة مريديها في تلك الفترة.

وبعدما اشتد عوده ونضج فكره شد الرحال إلى زاوية الجلالية بعين معبد بطلب من شيخها سي البشير بيض القول وبإذن من شيخه وأستاذه المربي شيخ الزاوية سي لخضر، وهذا في الثامن من شهر أوت 1968م، فالتحق بها معلما للقرآن الكريم ومدرسا للفقه وإماما لمسجدها، وبقي بهاته الزاوية قرابة 8 سنوات حيث تزوج خلالها بابنة عمه وأنجب منها 3 أولاد أثناء إقامته بالزاوية.

ملازمته للشيخ عطية مسعودي رحمه الله

لا شك أن فترة تواجد الإمام "عطية الأبيض" بالزاوية الجلالية كانت ذات نفع عام عليه، كيف لا وهي التي كان يتردد عليها في تلك الفترة إمام الجلفة الأول وشيخها الكبير عطية مسعودي رحمه الله، الذي كان يلقي بها دروسا أمام الوفود التي تحج إلى الزاوية لتنهل من معين علمه، وما يطرحه عليه الزوار من أسئلة فقهية، حيث كانت الفرصة مواتية للإمام عطية الأبيض للنقل عن الشيخ مسعودي بالسماع تارة وبالكتابة تارة أخرى.

ولتتوطد العلاقة بين الشيخ وطالب العلم "عطية الأبيض" الذي كان يغشى الشيخ مسعودي في منزله بل ويبيت أحيانا عنده طلبا للعلم ورغبة في الأخذ والاستزادة من فيض معينه، فنقل عنه الكثير من الأحاديث الشريفة ومسائل جمة في الفقه، لدرجة أنه كما يقول الإمام عطية الأبيض "بفضل الله سبحانه وتعالى كان لا يسقط بيني وبينه جملة ولا حرفا مما اسمعه منه فكانت النتيجة والحمد الله"، ليصبح وفي سن مبكرة من أهل الحل والعقد بين مجتمع مكون من عدة قبائل، مثلما يروي الشيخ.

انتقاله للاستقرار بحاسي بحبح....والتحاقه بصفوف الشؤون الدينية

في الثالث مارس 1977 انتقل الشيخ رفقة أهله إلى مدينة حاسي بحبح وبالضبط بحي بوعافية للسكن والاستقرار بها، وفي تلك الفترة طلب منه سكان المنطقة تعليم أبنائهم القرآن الكريم فكان معلما لأبنائهم وإماما لهم، يؤمهم للصلوات الخمس لمدة قاربت السنتين حيث كان خلالها يقدم طلبات للانتساب لمصالح الشؤون الدينية وهو ما تحقق له بعد أن حظي بقبوله إماما بهذا المسجد الصغير، لينتقل بعدها إلى مسجد الإمام مالك الموجود بنفس الحي، إماما للجمعة ومدرسا للفقه والتفسير والسيرة النبوية "دراسة وبحثا" في علوم الشريعة الإسلامية وقد كانت فترة ذهبية للتزود بالمعرفة كما يقول الشيخ.

مسيرته بقطاع الشؤون الدينية .....وعلاقته بالإمام "سي العيد البشير"

شارك الإمام "عطية الأبيض" في عملية التكوين المستمر لموظفي السلك الديني الذي قررته وزارة الشؤون الدينية آنذاك بداية من 1984 وإلى غاية 1992م، حيث شارك رفقة صديقه المقرب الإمام المفتي "سي العيد البشير" رحمه الله، والذي كان سببا في التحاقه بهذا التكوين كما روى لنا الشيخ، أين كُلف بتعليم مادتي الفقه والميراث بالمسجد العتيق وبفضل الجهود المبذولة من طرف القائمين على العملية وكذا الطلبة المكونين تخرج عدد كبير؛ منهم اليوم أئمة مساجد ودعاة لله.

ويذكر الشيخ في حديثه معنا أنه كان على علاقة وطيدة بالشيخ "سي العيد البشير" الذي كان صديقه المقرب، وما يتمتع به من ذكاء وسرعة بديهة، وكان من أهل الخير والصلاح وأصحاب الفضل رحمه الله.

وخلال مسيرته المهنية تحصل الشيخ عام 1989م على شهادة الكفاءة ليرتقي لرتبة إمام للصلوات الخمس، كما حصل 2019 على شهادة نجاح بعد متابعة دورة للتكوين التكميلي وترقيته لرتبة إمام مدرس، ورغم ملازمته لحلقة الدرس بمسجد الإمام مالك، كان الشيخ يقوم بتدريس مادتي الفقه والميراث في إطار التكوين المستمر بالمسجد العتيق بحاسي بحبح لفترات عديدة عام 2016، ليتم إعفاؤه بعد ذلك من إمامة الصلوات الخمس وهذا بهدف التفرغ للفتوى وفك النزاعات والخصومات والنصح للمسلمين مع إلقاء دروس الوعظ والإرشاد في المسجد يوم الجمعة وأداء صلاتها.

هذا وكان الشيخ قد انتسب إلى عضوية المجلس العلمي لمديرية الشؤون الدينية منذ 1991، كما يذكر أنه خلال هاته المسيرة العلمية وفقه الله لأداء مناسك العمرة عام 1985 و أداء مناسك فريضة الحج عن طريق البر عام 1993م.

مشاركته في العمل الخيري وإصلاح ذات البين...

وإلى جانب العمل الدعوي والإفتاء الذي عرف به الشيخ "عطية الأبيض" خلال مسيرة حياته، كانت بصمته في العمل الخيري واضحة للعيان فقد كان سباقا لإصلاح ذات البين وتقديم الفتوى لمن يقصده وهم كثر، ما جعله يسعى مع ثلة من الخيرين لتشكيل جمعية من أعيان المدينة تشبه "مجلس شورى" بمساعدة أفراد من أصدقائه المخلصين، تكمن مهمة هذه الجمعية في القيام بالمصالح العامة التي تعني المجتمع، أطلق عليها اسم "الوحدة لمواطني حاسي بحبح" يترأسها الشيخ.

كما كانت له مساهمة فعالة ويد بيضاء في بناء وتشييد مسجد الأمير عبد القادر بحي بوعافية على أحسن حال وهو الذي يعتبر اليوم من أفضل مساجد المدينة، ولن تنسى مدينة حاسي بحبح مبادرة الشيخ رفقة  ثلة من الخيرين في الصائفة الماضية (أوت الفارط) والتي بفضلها تم جمع ملبغ 2.8 مليار سنيتم في ظرف وجيز؛ فكانت بادرة خير في اقتناء مولد أوكسجين لمستشفى العقيد أحمد بوقرة بحاسي بحبح بمبلغ 1.4 مليار سنتيم، فيما تم صرف المبلغ الباقي من الحملة لاقتناء مجموعة من الأجهزة الطبية قدمت كهبة لمستشفى حاسي بحبح وكذا المؤسسة الجوارية للصحة العمومية.

ولا يزال الشيخ يعمل في صمت يتصدر مشهد الإصلاح والنصح والإفتاء لكل من يقصده في بيته أو في مسجده، من مواطني مدينته وحتى مواطني المدن المجاورة، حيث يقول عن نفسه "سأبقى قائما بهذا العمل الجليل مادام في العمر بقية، راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في حياتي الباقية إلى ما يحبه ويرضاه وأن يعينني على هذه الأعمال الصعبة، وأن يجعل عملي خالصا لوجهه، وأن يثبتني ويختم لي وللمسلمين بخاتمة السعادة".

*زيارة الجلفة إنفو للشيخ "عطية الأبيض" بمنزله الكائن بحي بوعافية بحاسي بحبح عشية يوم الأحد الموافق لـ02 جانفي 2022.

صحفي الجلفة إنفو "محمد صالح" مع الشيخ "عطية الأبيض"

https://www.djelfainfo.dz/ar/homme_histoire/13230.html


https://elmaghrebelawsat.dz/2022/01/08/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d9%85-%d8%b9%d8%b7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d9%8a%d8%b6-%d9%85%d9%81%d8%aa%d9%8a-%d8%ad%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d8%a8%d8%ad%d8%a8%d8%ad-%d9%85%d8%b3%d9%8a/

جريدة الوسط



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق